بلامين لأن الغل مضاعف اللام ، فحقه أن يكون مثل عمّم ، إذا جعل له عمامة ، وأزّر ، إذا ألبسه إزارا ، ودرّع الجارية ، إذا ألبسها الدرع ، فلعلهم قالوا : غلّه تخفيفا. وعطف بفاء التعقيب لإفادة الإسراع بوضعه في الأغلال عقب أخذه.
و (ثُمَ) في قوله : (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) للتراخي الرتبي لأن مضمون الجملة المعطوفة بها أشد في العقاب من أخذه ووضعه في الأغلال.
وصلّى : مضاعف تضعيف تعدية لأن صلي النار معناه أصابه حرقها أو تدفأ بها ، فإذا عدّي قيل : أصلاه نارا ، وصلّاه نارا.
و (ثُمَ) من قوله : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) للتراخي الرتبي بالنسبة لمضمون الجملتين قبلها لأن مضمون (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) أعظم من مضمون (فَغُلُّوهُ).
ومضمون (فَاسْلُكُوهُ) دل على إدخاله الجحيم فكان إسلاكه في تلك السلسلة أعظم من مطلق إسلاكه الجحيم.
ومعنى (فَاسْلُكُوهُ) : اجعلوه سالكا ، أي داخلا في السلسلة وذلك بأن تلف عليه السلسلة فيكون في وسطها ، ويقال : سلكه ، إذا أدخله في شيء ، أي اجعلوه في الجحيم مكبّلا في أغلاله.
وتقديم (الْجَحِيمَ) على عامله لتعجيل المساءة مع الرعاية على الفاصلة وكذلك تقديم (فِي سِلْسِلَةٍ) على عامله.
واقتران فعل (فَاسْلُكُوهُ) بالفاء إمّا لتأكيد الفاء التي اقترنت بفعل (فَغُلُّوهُ) ، وإما للايذان بأن الفعل منزل منزلة جزاء شرط محذوف ، وهذا الحذف يشعر به تقديم المعمول غالبا كأنه قيل : مهما فعلتم به شيئا فاسلكوه في سلسلة ، أو مهما يكن شيء فاسلكوه.
والمقصود تأكيد وقوع ذلك والحثّ على عدم التفريط في الفعل وأنه لا يرجى له تخفيف ، ونظيره قوله تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر : ٣ ـ ٥] ، وتقدم عند قوله تعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) في سورة [يونس : ٥٨].
والسلسلة : اسم لمجموع حلق من حديد داخل بعض تلك الحلق في بعض تجعل لوثاق شخص كيلا يزول من مكانه ، وتقدم في قوله تعالى : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ