وَالسَّلاسِلُ) في سورة غافر [٧١].
وجملة (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) صفة (سِلْسِلَةٍ) وهذه الصفة وقعت معترضة بين المجرور ومتعلّقه للتهويل على المشركين المكذبين بالقارعة ، وليست الجملة مما خوطب الملائكة الموكلون بسوق المجرمين إلى العذاب ، ولذلك فعدد السبعين مستعمل في معنى الكثرة على طريقة الكناية مثل قوله تعالى : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠].
والذّرع : كيل طول الجسم بالذراع وهو مقدار من الطول مقدر بذراع الإنسان ، وكانوا يقدرون بمقادير الأعضاء مثل الذراع ، والأصبع ، والأنملة ، والقدم ، وبالأبعاد التي بين الأعضاء مثل الشبر ، والفتر ، والرتب (بفتح الراء والتاء) ، والعتب ، والبصم ، والخطوة.
وجملة (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) في موضع العلة للأمر بأخذه وإصلائه الجحيم.
ووصف الله بالعظيم هنا إيماء إلى مناسبة عظم العذاب للذنب إذ كان الذنب كفرانا بعظيم فكان جزاء وفاقا.
والحض على الشيء : أن يطلب من أحد فعل شيء ويلحّ في ذلك الطلب.
ونفي حضه على طعام المسكين يقتضي بطريق الفحوى أنه لا يطعم المسكين من ماله لأنه إذا كان لا يأمر غيره بإطعام المسكين فهو لا يطعمه من ماله ، فالمعنى لا يطعم المسكين ولا يأمر بإطعامه ، وقد كان أهل الجاهلية يطعمون في الولائم ، والميسر ، والأضياف ، والتحابب ، رياء وسمعة. ولا يطعمون الفقير إلّا قليلا منهم ، وقد جعل عدم الحض على طعام المسكين مبالغة في شح هذا الشخص عن المساكين بمال غيره وكناية عن الشحّ عنهم بماله ، كما جعل الحرص على إطعام الضيف كناية عن الكرم في قول زينب بنت الطّثريّة ترثي أخاها يزيد :
إذا نزل الأضياف كان عذورا |
|
على الحي حتى تستقل مراجله |
تريد أنه يحضر الحي ويستعجلهم على نصف القدور للأضياف حتى توضع قدور الحي على الأثافي ويشرعوا في الطبخ ، والعذوّر بعين مهملة وذال معجمة كعملّس : الشكس الخلق.