وضمير (إِنَّهُ) عائد إلى القرآن المفهوم من ذكر الحشر والبعث ، فإن ذلك مما جاء به القرآن ومجيئه بذلك من أكبر أسباب تكذيبهم به ، على أن إرادة القرآن من ضمائر الغيبة التي لا معاد لها قد تكرر غير مرة فيه.
وتأكيد الخبر بحرف (إنّ) واللام للرد على الذين كذبوا أن يكون القرآن من كلام الله ونسبوه إلى غير ذلك.
والمراد بالرسول الكريم محمّد صلىاللهعليهوسلم كما يقتضيه عطف قوله : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) [الحاقة : ٤٤] ، وهذا كما وصف موسى ب (رَسُولٍ كَرِيمٍ) في قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) [الدخان : ١٧] وإضافة قول إلى (رَسُولٍ) لأنه الذي بلّغه فهو قائله ، والإضافة لأدنى ملابسة وإلّا فالقرآن جعله الله تعالى وأجراه على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم ، كما صدر من جبريل بإيحائه بواسطته قال تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) [مريم : ٩٧].
روي مقاتل أن سبب نزولها : أن أبا جهل قال : إن محمدا شاعر ، وأن عقبة بن أبي معيط قال : هو كاهن ، فقال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) الآية.
ويجوز أن يراد ب (رَسُولٍ كَرِيمٍ) جبريل عليهالسلام كما أريد به في سورة التكوير إذ الظاهر أن المراد به هنالك جبريل كما يأتي.
وفي لفظ (رَسُولٍ) إيذان بأن القول قول مرسله ، أي الله تعالى ، وقد أكد هذا المعنى بقوله عقبه (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ).
ووصف الرسول ب (كَرِيمٍ) لأنه الكريم في صنفه ، أي النفيس الأفضل مثل قوله : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) في سورة النمل [٢٩].
وقد أثبت للرسول صلىاللهعليهوسلم الفضل على غيره من الرسل بوصف (كَرِيمٍ) ، ونفي أن يكون شاعرا أو كاهنا بطريق الكناية عند قصد رد أقوالهم.
وعطف (وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ) على جملة الخبر في قوله : (بِقَوْلِ شاعِرٍ) ، و (لا) النافية تأكيد لنفي (ما).
وكني بنفي أن يكون قول شاعر ، أو قول كاهن عن تنزيه النبي صلىاللهعليهوسلم عن أن يكون شاعرا أو كاهنا ، رد لقولهم : هو شاعر أو هو كاهن.