يقاومهم.
والمعنى : واتبعوا أهل الأموال والأولاد التي لم تزدهم تلك الأموال والأولاد إلّا خسارا لأنهم استعملوها في تأييد الكفر والفساد فزادتهم خسارا إذ لو لم تكن لهم أموال ولا أولاد لكانوا أقل ارتكابا للفساد قال تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [المزمل : ١١].
والخسار : مستعار لحصول الشر من وسائل شأنها أن تكون سبب خير كخسارة التاجر من حيث أراد الربح ، فإذا كان هؤلاء خاسرين فالذين يتبعونهم يكونون مثلهم في الخسارة وهم يحسبون أنهم أرشدوهم إلى النجاح.
وما صدق (مَنْ) فريق من القوم أهل مال وأولاد ازدادوا بذلك بطرا دون الشكر وهم سادتهم ، ولذلك أعيد عليه ضمير الجمع في قوله : (وَمَكَرُوا) ، وقوله : (وَقالُوا) ، وقوله : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) [نوح : ٢٤].
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو جعفر (وَوَلَدُهُ) بفتح الواو وفتح اللام ، وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف (وَوَلَدُهُ) بضم الواو وسكون اللام ، فأما الولد بفتح الواو وفتح اللام فاسم يطلق على الواحد من الأولاد وعلى الجمع فيكون اسم جنس ، وأما ولد بضم فسكون فقيل : هو لغة في ولد فيستوي فيه الواحد والجمع مثل الفلك. وقيل : هو جمع ولد مثل أسد جمع أسد.
والمكر : إخفاء العمل ، أو الرأي الذي يراد به ضر الغير ، أي مكروا بنوح والذين آمنوا معه بإضمار الكيد لهم حتى يقعوا في الضر. قيل : كانوا يدبّرون الحيلة على قتل نوح وتحريش الناس على أذاه وأذى أتباعه.
و (كُبَّاراً) : مبالغة ، أي كبيرا جدا وهو وارد بهذه الصّيغة في ألفاظ قليلة مثل طوّال أي طويل جدا ، وعجّاب ، أي عجيب ، وحسّان ، وجمّال ، أي جميل ، وقرّاء لكثير القراءة ، ووضّاء ، أي وضيء ، قال عيسى بن عمر : هي لغة يمانية.
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً) إلخ ، أي قال بعضهم لبعض : ودّ ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، هذه أصنام قوم نوح ، وبهذا تعلم أن أسماءها غير جارية على اشتقاق الكلمات العربية ، وفي واو (ودّ) لغتان للعرب منهم من يضم الواو ، وبه قرأ نافع وأبو جعفر. ومنهم من يفتح الواو وكذلك قرأ الباقون.