روى البخاري عن ابن عباس : «ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر : أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسمّوها بأسمائهم ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبد» ، وعن محمد بن كعب : هي أسماء أبناء خمسة لآدم عليهالسلام وكانوا عبّادا. وعن الماوردي أن (وَدًّا) أول صنم معبود.
والآية تقتضي أن هذه الأنصاب عبدت قبل الطوفان وقد قال بعض المفسرين : إن هذه الأصنام أقيمت لبعض الصلحاء من أولاد آدم. وقال بعضهم : كانوا أصناما بين زمن آدم وزمن نوح.
ولا يلتئم هذا مع حدوث الطوفان إذ لا بد أن يكون جرفها وخلص البشر من الإشراك بعد الطوفان ، ومع وجود هذه الأسماء في قبائل العرب إلى زمن البعثة المحمدية ، فقد كان في دومة الجندل بلاد كلب صنم اسمه (ودّ). قيل كان على صورة رجل وكان من صفر ورصاص وكان على صورة امرأة ، وكان لهذيل صنم اسمه (سواع) وكان لمراد وغطيف (بغين معجمة وطاء مهملة) بطن من مراد بالجوف عند سبأ صنم اسمه (يَغُوثَ) ، وكان أيضا لغطفان وأخذته (أنعم وأعلى) وهما من طيئ وأهل جرش من مذحج فذهبوا به إلى مراد فعبدوه ، ثم إن بني ناجية راموا نزعه من أعلى وأنعم ففروا به إلى الحصين أخي بني الحارث من خزاعة. قال أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث من رصاص وكانوا يحملونه على جمل أحرد (بالحاء المهملة ، أي يخبط بيديه إذا مشى) ويسيرون معه ولا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل فيضربون عليه بناء ينزلون حوله.
وكان يغوث على صورة أسد.
وكان لهمدان صنم اسمه (يَعُوقَ) وهو على صورة فرس ، وكان لكهلان من سبأ ثم توارثه بنوه حتى صار إلى همدان.
وكان لحمير ولذي الكلاع منهم صنم اسمه (نسر) على صورة النسر من الطير. وهذا مروي في «صحيح البخاري» عن ابن عباس. وقال : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح إلى العرب ا ه. فيجوز أن تكون انتقلت بأعيانها ويجوز أن يكون العرب سموا عليها ووضعوا لها صورا.