هو من معجزاته مثل رؤيته الملائكة ورؤيته الجنة والنار في حائط القبلة وظهور الشيطان لأبي هريرة في حديث زكاة الفطر.
وقد مضى ذكر الجن عند قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) في سورة الأنعام [١٠٠] ، وقوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) في سورة الأعراف [١٧٩].
والذين أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يقول لهم أنه أوحي إليه بخبر الجن : هم جميع الناس الذين كان النبي صلىاللهعليهوسلم يبلغهم القرآن من المسلمين والمشركين أراد الله إبلاغهم هذا الخبر لما له من دلالة على شرف هذا الدين وشرف كتابه وشرف من جاء به ، وفيه إدخال مسرة على المسلمين وتعريض بالمشركين إذ كان الجن قد أدركوا شرف القرآن وفهموا مقاصده وهم لا يعرفون لغته ولا يدركون بلاغته فأقبلوا عليه ، والذين جاءهم بلسانهم وأدركوا خصائص بلاغته أنكروه وأعرضوا عنه.
وفي الإخبار عن استماع الجن للقرآن بأنه أوحي إليه ذلك إيماء إلى أنه ما علم بذلك إلّا بإخبار الله إياه بوقوع هذا الاستماع ، فالآية تقتضي أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لم يعلم بحضور الجن لاستماع القرآن قبل نزول هذه الآية.
وأما آية الأحقاف [٢٩] (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) الآيات فتذكير بما في هذه الآية أو هي إشارة إلى قصة أخرى رواها عبد الله بن مسعود وهي في «صحيح مسلم» في أحاديث القراءة في الصلوات ولا علاقة لها بهذه الآية.
وقوله : (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) في موضع نائب فاعل (أُوحِيَ) أي أوحي إلي استماع نفر. وتأكيد الخبر الموحى بحرف (أن) للاهتمام به لغرابته.
وضمير (أَنَّهُ) ضمير الشأن وخبره جملة (اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) وفي ذلك زيادة اهتمام بالخبر الموحى به.
ومفعول (اسْتَمَعَ) محذوف دل عليه (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً) ، أي استمع القرآن نفر من الجن.
والنفر : الجماعة من واحد إلى عشرة وأصله في اللغة لجماعة من البشر فأطلق على جماعة من الجن على وجه التشبيه إذ ليس في اللغة لفظ آخر كما أطلق رجال في قوله : (يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ٦] على شخوص الجن. وقولهم : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) قالوه لبعض منهم لم يحضر لاستماع القرآن ألهمهم الله أن ينذروهم ويرشدوهم إلى