وجواب القسم يؤخذ من قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) لأنه دليل الجواب إذ التقدير : لنجمعن عظام الإنسان أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه.
وفي «الكشاف» «قالوا إنه (أي لا أقسم) في الإمام بغير ألف» وتبرأ منه بلفظ (قالوا) لأنه مخالف للموجود في المصاحف. وقد نسب إلى البزي عن ابن كثير أنه قرأ لأقسم الأول دون ألف وهي رواية عنه ذكرها الشيخ علي النوري في «غيث النفع» ولم يذكرها الشاطبي. واقتصر ابن عطية على نسبتها إلى ابن كثير دون تقييد ، فتكون اللام لام قسم. والمشهور عن ابن كثير خلاف ذلك ، وعطف قوله : (وَلا أُقْسِمُ) تأكيدا للجملة المعطوف عليها ، وتعريف النفس تعريف الجنس ، أي الأنفس اللوامة. والمراد نفوس المؤمنين. ووصف (اللَّوَّامَةِ) مبالغة لأنها تكثر لوم صاحبها على التقصير في التقوى والطاعة. وهذا اللوم هو المعبر عنه في الاصطلاح بالمحاسبة ، ولومها يكون بتفكيرها وحديثها النفسي. قال الحسن «ما يرى المؤمن إلّا يلوم نفسه على ما فات ويندم ، يلوم نفسه على الشر لم فعله وعلى الخير لم لا يستكثر منه» فهذه نفوس خيّرة حقيقة أن تشرف بالقسم بها وما كان يوم القيامة إلّا لكرامتها.
والمراد اللوامة في الدنيا لوما تنشأ عنه التوبة والتقوى وليس المراد لوم الآخرة إذ (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤].
ومناسبة القسم بها مع يوم القيامة أنها النفوس ذات الفوز في ذلك اليوم. وعن بعض المفسرين أن (لا أُقْسِمُ) مراد منه عدم القسم ففسر النفس اللوامة بالتي تلوم على فعل الخير.
وقوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) إلخ دليل على جواب القسم إذ تقدير الجواب لنجمعن عظامكم ونبعثكم للحساب.
وتعريف (الْإِنْسانُ) تعريف الجنس ، ووقوعه في سياق الإنكار الذي هو في معنى النفي يقتضي العموم ، وهو عموم عرفي منظور فيه إلى غالب الناس يومئذ إذ كان المؤمنون قليلا. فالمعنى : أيحسب الإنسان الكافر.
وجملة (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) مركبة من حرف أن المفتوحة الهمزة المخففة النون التي هي أخت (إنّ) المكسورة.
واسم أن ضمير شأن محذوف.