الناس في الدنيا فابتدئ بحال أشرف الناس وهو الرسول صلىاللهعليهوسلم ثم بحال الذين دعاهم الرسولصلىاللهعليهوسلم بين من (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) [الإنسان : ٢٧] ومن (اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [الإنسان : ٢٩] فأدخلهم في رحمته.
وتأكيد الخبر ب (إنّ) للاهتمام به.
وتأكيد الضمير المتصل بضمير منفصل في قوله : (إِنَّا نَحْنُ) لتقرير مدلول الضمير تأكيدا لفظيا للتنبيه على عظمة ذلك الضمير ليفضي به إلى زيادة الاهتمام بالخبر إذ يتقرر أنه فعل من ذلك الضميران له لأنه لا يفعل إلا فعلا منوطا بحكمة وأقصى الصواب.
وهذا من الكناية الرمزية ، وبعد فالخبر بمجموعه مستعمل في لازم معناه وهو التثبيت والتأييد فمجموعه كناية ومزية.
وإيثار فعل (نَزَّلْنا) الدال على تنزيله منجما آيات وسورا تنزيلا مفرقا إدماج للإيماء إلى أن ذلك كان من حكمة الله تعالى التي أومأ إليها تأكيد الخبر ب (إن) وتأكيد الضمير المتصل بالضمير المنفصل ، فاجتمع فيه تأكيد على تأكيد وذلك يفيد مفاد القصر إذ ليس الحصر والتخصيص إلّا تأكيدا على تأكيد كما قال السكاكي ، فالمعنى : ما نزّل عليك القرآن إلّا أنا.
وفيه تعريض بالمشركين الذين قالوا : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) [الفرقان:٣٢] فجعلوا تنزيله مفرقا شبهة في أنه ليس من عند الله.
والمعنى : ما أنزله منجّما إلّا أنا واقتضت حكمتي أن أنزله عليك منجّما.
وفرع على هذا التمهيد أمره بالصبر على أعباء الرسالة وما يلقاه فيها من أذى المشركين ، وشدّ عزيمته أن لا تخور.
وسمى ذلك حكما لأن الرسالة عن الله لا خيرة للمرسل في قبولها والاضطلاع بأمورها ، ولأن ما يحفّ بها من مصاعب إصلاح الأمة وحملها على ما فيه خيرها في العاجل والآجل ، وتلقي أصناف الأذى في خلال ذلك حتى يتمّ ما أمر الله به ، كالحكم على الرسول بقبول ما يبلغ منتهى الطاقة إلى أجل معين عند الله.
وعدي فعل (اصبر) باللام لتضمن الصبر معنى الخضوع والطاعة للأمر الشاق ، وقد يعدّى بحرف (على) كما قال تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) [المزمل : ١٠]. ومناسبة مقام