ويجيء على القولين أن يكون قوله : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) استئنافا ، وتجعل (أيّ) اسم استفهام مستعمل للتهويل كما درج عليه جمهور المفسرين الذين صرّحوا ولم يجملوا ، والذي يظهر لي أن تكون (أيّ) موصولة دالّة على التعظيم والتهويل وهو ما يعبر عنه بالدّال على معنى الكمال وتكون صفة لموصوف محذوف يدل عليه ما أضيفت إليه (أيّ) وتقديره : ليوم أيّ يوم ، أي ليوم عظيم. ويكون معنى (أُقِّتَتْ) حضر ميقاتها الذي وقّت لها ، وهو قول ابن عباس جمعت ، وفي «اللسان» على الفراء : (أُقِّتَتْ) جمعت لوقتها ، وذلك قول الله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) [المائدة : ١٠٩] وقوله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١].
ويكون اللام في قوله : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) لام التعليل ، أي جمعت لأجل اليوم الذي أجّلت إليه. وجملة (أُجِّلَتْ) صفة ليوم ، وحذف العائد لظهوره ، أي أجّلت إليه.
وقوله : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) بدل من (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) بإعادة الحرف الذي جرّ به المبدل منه كقوله تعالى : (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) [المائدة : ١١٤] أي أحضرت الرسل ليوم عظيم هو يوم الفصل.
والظاهر أن المبدل منه والبدل دليلان على جواب (إذا) من قوله (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) إلخ ، إذ يعلم أن المعنى إذا حصل جميع ما ذكر فذلك وقوع ما توعدون.
وجملة (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ) قد علمت آنفا الوجه الوجيه في معناها. ومن المفسرين من جعلها مقول قول محذوف : يقال يوم القيامة ، ولا داعي إليه.
و (الْفَصْلِ) : تمييز الحق من الباطل بالقضاء والجزاء إذ بذلك يزول الالتباس والاشتباه والتمويه الذي كان لأهل الضلال في الدنيا فتتضح الحقائق على ما هي عليه في الواقع.
وجملة (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) في موضع الحال من يوم الفصل ، والواو واو الحال والرابط لجملة الحال إعادة اسم صاحب الحال عوضا عن ضميره ، مثل (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ١ ، ٢]. والأصل : وما أدراك ما هو ، وإنما أظهر في مقام الإضمار لتقوية استحضار يوم الفصل قصدا لتهويله.
و (ما) استفهامية مبتدأ و (أَدْراكَ) خبر ، أي أعلمك. و (ما يَوْمُ الْفَصْلِ) استفهام علق به فعل (أَدْراكَ) عن العمل في مفعولين ، و (ما) الاستفهامية مبتدأ أيضا و (يَوْمُ