وأمّا الحرم فألحقه الشيخان (١) وتبعهما جماعة (٢) لاشتراكهما في الحرمة وتغليظ قتل الصيد فيه المناسبِ لتغليظ غيره. وفيه نظر بيِّن.
وألحق به بعضهم ما لو رمى في الحِلّ فأصاب في الحرم أو بالعكس (٣) وهو ضعف في ضعف. والتغليظ مختصّ بدية النفس ، فلا يثبت في الطَرَف وإن أوجب الدية؛ للأصل.
(والخيار إلى الجاني في الستّة في العمد والشبيه) لا إلى وليّ الدم. وهو ظاهر في الشبيه؛ لأنّ لازمه الدية. أمّا في العمد : فلمّا كان الواجب القصاص وإنّما تثبت الدية برضاه كما مرّ (٤) لم يتقيّد الحكم بالستّة ، بل لو رضي بالأقلّ أو طلب الأكثر وجب الدفع مع القدرة؛ لما ذكر من العلّة (٥) فلا يتحقّق التخيير حينئذٍ ، وإنّما يتحقّق على تقدير تعيّنها عليه مطلقة (٦).
ويمكن فرضه (٧) فيما لو صالحه على الدية وأطلق ، أو عفا عليها ، أو مات القاتل ، أو هرب فلم يُقدر عليه وقلنا بأخذ الدية من ماله ، أو بادر بعض الشركاء إلى الاقتصاص بغير إذن الباقين ، أو قتل في الشهر الحرام وما في حكمه فإنّه
__________________
(١) المقنعة : ٧٤٣ ، والنهاية : ٧٥٦.
(٢) منهم القاضي في المهذّب ٢ : ٥١٦ ، وابن زهرة في الغنية : ٤١٤ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ٦٦٧ ، وغيرهم.
(٣) ألحقه فخر المحقّقين في الإيضاح ٤ : ٦٨١.
(٤) مرّ في الصفحة ٤٤٥ من كتاب القصاص.
(٥) وهي وجوب حفظ النفس مهما قدر عليه ، راجع الصفحة ٤٤٥.
(٦) لا مقيّدة برضى وليّ الدم.
(٧) أي فرض تخيير الجاني عمداً.