لو كان رحله لا يشغل من المسجد مقدارَ حاجته في الجلوس والصلاة؛ لأنّ ذلك هو المستثنى على تقدير الأولويّة ، فلو كان كبيراً يسع ذلك ، فالحقّ باقٍ من حيث عدم جواز رفعه بغير إذن مالكه ، وكونه في موضع مشترك كالمباح. مع احتمال سقوط حقّه مطلقاً على ذلك التقدير ، فيصحّ رفعه لأجل غيره ، حذراً من تعطيل بعض المسجد ممّن لا حقّ له.
ثمّ على تقدير الجواز هل يضمن الرحلَ رافعُه؟ يحتمله؛ لصدق التصرّف وعدم المنافاة بين جواز رفعه والضمان ، جمعاً بين الحقّين ، ولعموم «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» (١) وعدمه؛ لأنّه لا حقّ له ، فيكون تفريغه منه بمنزلة رفعه من ملكه. ولم أجد في هذه الوجوه كلاماً يعتدّ به.
وعلى تقدير بقاء الحقّ لبقائه أو بقاء رحله فأزعجه مزعج ، فلا شبهة في إثمه. وهل يصير أولى منه بعد ذلك؟ يحتمله؛ لسقوط حقّ الأوّل بالمفارقة ، وعدمه؛ للنهي ، فلا يترتّب عليه حقّ.
والوجهان آتيان في رفع كلّ أولويّة ، وقد ذكر جماعة من الأصحاب : أنّ حقّ أولويّة التحجير لا يسقط بتغلّب غيره (٢) ويتفرّع على ذلك صحّة صلاة الثاني وعدمها.
واشترط المصنّف في الذكرى في بقاء حقّه مع بقاء الرحل أن لا يطول المكث (٣) وفي التذكرة استقرب بقاء الحقّ مع المفارقة لعذر ، كإجابة داعٍ
__________________
(١) المستدرك ١٧ : ٨٨ ، الباب الأوّل من كتاب الغصب ، الحديث ٣.
(٢) منهم الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٧٣ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٣٢ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ٢٧٥ ، والعلّامة في القواعد ٢ : ٢٦٩ ، والتحرير ٤ : ٤٨٦ ، ذيل الرقم ٦٠٩٧.
(٣) الذكرى ٤ : ١٥٥.