فهو التحيّر والتشكيك.
... هذه المعاني الثلاثة للضلال ذكرها القرآن الكريم ، والمعنى الأخير من هذه المعاني لا يجوز إضافته إلى الله سبحانه وتعالى لنسبة الجبر إليه تعالى وهو عين الظلم الذي يتنزّه عنه الحكيم المتعال.
ويأتي الضلال لغة بمعنى : «عدم الاهتداء إلى السبيل» ، كما لو قيل : «فلان ضلّ عن قومه» إذا لم يعرفوا مكانه ؛ ويقال : «ضلّ البعير» إذا لم يعرف مكانه. ويأتي بمعنى إخفاء الذكر ، ف «ضل : الشيء» إذا خفي ذكره. والمعنى الأخير ينطبق على الآيات التي حرّمت نسبة الضلال إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧) (١) لمخالفة الضلال لأدلّة العصمة.
وفي مقابل الضلال هناك الهداية وتطلق على معان متعددة في القرآن الكريم :
أولا :
أن تكون الهداية بمعنى الدلالة والإرشاد. يقال : «هداه الطريق» أي دلّه عليه ؛ وهذا الوجه عام لجميع المكلّفين ، فإنه سبحانه وتعالى هدى كل مكلّف إلى الحق بأن دلّه عليه وأرشده إليه ، فلو لم يدلّه عليه لكان قد كلّفه بما لا يطيق ، ويدلّ على ما قلنا قوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٣) (٢) وقوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) (٣).
ثانيا :
أن تكون الهداية بمعنى زيادة الألطاف الإلهية التي بها يثبت المؤمن على
__________________
(١) سورة الضحى : ٧.
(٢) سورة الإنسان : ٣.
(٣) سورة البقرة : ١٨٥.