ابنته بالأمس ، ثم تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمه ووصيّه وأبا ولده. كذبتم وربّ الكعبة ما كنتم تصلون إلى قتله حتى تخوّف الناس أن تقع فتنة عظيمة (١).
الأمر الثاني : إجماع الإمامية على حصول الاعتداء على الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام.
لا ريب أن الشهادة في سبيل الله أرفع وسام يكرم به الله أولياءه ، ونعمة عظيمة يهبها لخاصة عبيده المقرّبين ، وما أحلاها إن كانت على يد أجلاف عتاة ، نزعت الرحمة من قلوبهم ، فغدوا بهائم ناطقين (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٢).
وهم كما قال أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : «فالصورة صورة إنسان ، والقلب قلب حيوان»(٣).
والصدّيقة الطاهرة ـ فديتها بنفسي ـ مضت شهيدة مظلومة ، وقد وصفها أئمة آل البيتعليهمالسلام بالشهيدة ، وبأنها المقهورة المغصوبة حقّها ، المكسور ضلعها ، فهذه الظلامات التي عانتها سيّدة الطهر روحي فداها ، أثارت شجون كل غيور وطالب للحقيقة ، فبكتها العيون والقلوب الصادقة دما على مرّ العصور ، ودوّنها التاريخ بحروف قاتمة ، ونظمها الشعراء في قصائد فاضت بالحزن والألم ، كما استفاضت بها الأخبار ، وانعقد عليها الإجماع ، وكل من كتب عن حياة الصدّيقة عليهاالسلام فإنه تعرّض لتلك الظلامات والمصائب التي كابدتها ، ومن لم يتعرّض لها صريحا لكنه أشار إليها تلميحا ، وقد تكون حجّته عدم توفر الظروف الموضوعية لذكرها حرصا على الأجواء العامة ، أو خوفا من الأعداء النواصب.
وعليه فإن ثمة إجماعا على مظلومية الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام وأنها قد ضربت
__________________
(١) كتاب سليم ص ٢٣٥ ـ ٢٣٧.
(٢) سورة الفرقان : ٤٤.
(٣) نهج البلاغة ، خطبة ٨٧ بشرح صبحي الصالح ص ١١٩ ، وخطبة ٨٣ بشرح محمد عبده ج ١ / ١٥٢.