من أبين المحال ، وأفظع المقال؟! ولما وجب هذا عند ذوي التحصيل ثبت أن خديجة لم تتزوج غير رسول الله ..» (١).
وعليه فكيف تقبل خديجة الزواج من أعرابي مجهول الحسب ، وتترك ذوي الشرف والمكانة من قبيلة قريش المعروفة بغطرستها وجبروتها ، ألم تكن الفرصة سانحة يوم ذاك لكي تنتقم قريش من امرأة لم تكترث بهم ولا بزعامتهم ، ورفضت عروضهم ، وتقربهم منها؟!
الثالث : دعوى أن خديجة قد تزوجت برجلين قبل النبيّ خطة صنعتها السياسة الأموية لتكريس فضيلة لعائشة أم المؤمنين التي لم يتزوج رسول الله بكرا عليها ، لذا نلاحظ الإطراء والمديح من أصحاب التراجم على عائشة عند ما يصنفها بالبكر الوحيدة التي تزوجها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا مضافا إلى تسجيلهم منقبة لعثمان حيث حرص محبوه على إبقاء هاتين البنتين باكرتين فلا يدخل بهما ابنا أبي لهب ـ حسبما تفيد بعض مروياتهم ـ رغم أهلية البنتين وأهلية زوجيهما لذلك ، وعدم وجود أي مانع أو رادع.
نعم ، لا بدّ من إبقائهما كذلك لينال عثمان الشرف الأوفى في هذا المجال (٢)!! لذا يروون أنه لما ماتت أم كلثوم قال رسول الله : «لو كنّ عشرا لزوجتهنّ عثمان» (٣) أو قوله فيما أخرجه ابن عساكر : لو أن لي أربعين بنتا لزوجتك واحدة بعد واحدة حتى لا تبقى منهن واحدة (٤).
أو قوله فيما جاء به ابن عساكر من طريق أبي هريرة قال : إن رسول الله لقي عثمان بن عفان على باب المسجد فقال :
__________________
(١) الاستغاثة ص ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) بنات النبي أم ربائبه ص ١٢١.
(٣) الطبقات الكبرى ج ٨ / ٣٨ وسير أعلام النبلاء ج ٢ / ٢٥٣ والغدير ج ٨ / ٢٣٤.
(٤) الغدير ج ٨ / ٢٣٤ نقلا عن تاريخ ابن كثير ج ٧ / ٢١٢.