الشبهة السادسة :
اقتضت العادة فساد قول الإمامية في دعواها بطول عمر الإمام المهديّ عليهالسلام وبقائه حيّا إلى يومنا هذا وإلى وقت ظهوره مع تكامل قواه البدنية مع بقاء صفته وما له عليهالسلام من وفور العقل والقوة والشباب والمعارف بأحوال الدين والدنيا ، كل هذا بخلاف حكم العادات في أحوال البشر وما يعتريه من الشيب والضعف والشيخوخة ، وما يوجب قطع حبل حياته ، يدلّ على فساد معتقدهم فيه.
يرد عليها :
إن خرج عمّا نعهده نحن الآن من أحوال البشر ، فليس بخارج عن عادات سلفت لشركائه في البشرية وأمثاله في الإنسانية. وما جرت به العادة في بعض العصور الخالية لم يمتنع وجوده في غيرها ، وكان حكم مستقبلها كحكم ماضيها على البيان ، ولو لم تجر العادة بذلك جملة ، لكانت الأدلّة على أن الله تعالى قادر على فعل ذلك تبطل توهّم المخالفين للحق فساد القول به وتكذيبهم في دعواهم.
وقد أطبق العلماء من أهل الملل وغيرهم أنّ آدم أبا البشر عليهالسلام عمّر نحو الألف لم يتغيّر له خلق ولا انتقل من قوة إلى ضعف ، ولا من علم إلى جهل ولا من شباب إلى شيخوخة ، فلم يزل على صورة واحدة حتى قبضه الله تعالى إليه. هذا مع الأعجوبة في حدوثه من غير نكاح ، وخلقه من التراب ، وانتقاله من طين لازب إلى طبيعة الإنسانية ، ولا واسطة في صنعته باتفاق أهل الكتب السماوية ، والقرآن مع ذلك ناطق ببقاء نوح نبيّ الله عليهالسلام في قومه تسعمائة سنة وخمسين للإنذار لهم خاصة ، وقبل ذلك ما كان له من العمر الطويل إلى أن بعث نبيّا من غير ضعف كان به ولا هرم ولا عجز ولا جهل ، مع امتداد بقائه وتطاول عمره في الدنيا وسلامة حواسه.
وأن الشيب أيضا لم يحدث في البشر قبل حدوثه في إبراهيم الخليل عليهالسلام بإجماع من سميناه من أهل العلم من المسلمين خاصة. وهذا ما لا يدفعه إلّا