وهناك آيات أخر زعم ابن الخطّاب أنها من القرآن ثم أسقطت منه ، هي آية الجهاد ، قال عمر لابن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا «أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة» فإنّا لا نجدها؟ قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن (١).
وآية الفراش «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فقد ورد أنه خاطب أبي بن كعب : أوليس كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله «أن انتفاءكم من آباءكم كفر بكم»؟ فقال : بلى .. ثم قال : أوليس كنّا نقرأ «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فيما فقدنا من كتاب الله؟ فقال أبي : بلى (٢).
«الولد للفراش» حديث مروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ظنه ابن الخطّاب آية قرآنية.
وهناك العديد من هذه الروايات ، ذكرها السيوطي في الإتقان وغيره عن مفسري العامة ، حيث ادّعوا أن القرآن الكريم ذهب منه كثير بذهاب حملته يوم اليمامة.
وغير خفي أن القسم الأخير من أقسام التحريف هو نفسه ما يسميه جمهور العامة «بنسخ التلاوة» وهو بعينه القول بالتحريف والإسقاط ، فتسميته بنسخ التلاوة تمويها على السذج حتى لا يقدح بعمر بن الخطاب وعائشة وأمثالهما ممن يحسن العامة بهم الظن ، وهذه التسمية لا تخرجه عن أقسام التحريف ، وعليه يمكن أن يدّعي أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء العامة ، لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة.
ومن العجيب أن جماعة من علماء العامة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى أحد من علمائهم حتى أن الألوسي كذّب الطبرسي في نسبة القول بالتحريف إلى الحشوية ، وقال : «إن أحدا من علماء السنّة لم يذهب إلى ذلك» وأعجب من ذلك أنه ذكر أن قول الطبرسي بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد أصحابه بالتحريف ،
__________________
(١) الدر المنثور ج ١ / ١٠٦ ، الاتقان ج ٢ / ٥٤.
(٢) الدر المنثور ج ١ / ١٠٦.