إشعار بأن الحكم مؤقت مؤجل سيلحقه نسخ» (١).
النقطة الثانية : شبهات حول النسخ في القرآن الحكيم
هناك شبهات أوردها ناكروا النسخ ، فزعموا عدم إمكان النسخ في شريعة الله ، وبالتالي عدم وقوعه في القرآن الكريم ، وهي شبهات متنوعة ، ومختلفة المستوى ، أهمها :
الشبهة الأولى :
إن النسخ التشريعي مستحيل بشأنه تعالى كالبداء التكويني ، لأنهما عبارة عن نشأة رأي جديد ، وعثور على مصلحة كانت خافية في بدء الأمر ، والحال أن علمه تعالى أزلي ، لا يتبدل له رأي ولا يتجدد له علم ، فلا يعقل وقوفه تعالى على خطأ في تشريع قديم لينسخه بتشريع جديد.
والجواب :
إن النسخ كالبداء لكن ليس على معناه الحقيقي الذي هو عبارة عن نشأة رأي جديد ، وإنما هو ظهور للناس بعد خفاء عليهم ، لمصلحة في هذا الإخفاء في بدء الأمر ، فالنتيجة فيهما واحدة وهي الإظهار للناس بعد الخفاء عنهم ، وأين هذا من تبدّل رأيه عزوجل أو تجدد علمه حسبما أفادت الشبهة؟
فالشارع المقدّس حينما ينشئ حكما يكون بظاهره دائما ومستمرا ، حسبما ألفه الناس من دوام الأحكام المطلقة ، لكنه في الواقع كان من الأول محدودا بأمد معلوم لديه تعالى ، ولم يظهره للناس إلّا بعد انتهاء الأمد المذكور ، لمصلحة في ذلك الإخفاء ، وفي هذا الإظهار المتأخر.
قد يقال : لما ذا كان تحديد في الأحكام ، فإذا كانت في أصل تشريع الحكم مصلحة فلتقض الدوام ، وإن لم تكن مصلحة فلا مقتضى لأصل التشريع.
__________________
(١) تفسير الطباطبائي ج ١ / ٢٥٣.