إلى ذلك ابن خلدون (١) ، وقلدهما أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام متنكرا من القضية المهدوية ومدعيا أن لها أسبابا سياسية واجتماعية ودينية ، وأنها انبثقت من الشيعة بعد خروج الخلافة من أيديهم ، فأحمد أمين وابن خلدون وأمثالهما لا يمثّلون الشيعة والأشاعرة ، بل هم أناس انعزاليون بحاجة إلى رعاية فكرية.
ونحن نسأل أحمد أمين وأمثاله من النواصب : إذا كان الشيعة هم المخترعون لهذه الفكرة ، فما ذا يفعل بمئات الأحاديث التي رواها علماؤه وأساتذته في مصر وغيرها من الديار في مصادرهم وبطرقهم وأسانيدهم؟! ولما ذا لم يكلّف أحمد أمين نفسه مناقشة هذه الأحاديث في إسنادها ومتونها ، مكتفيا بشطحة قلم تطيح بمئات الأحاديث بل الألوف ، فهل يا ترى كل هذه الأخبار من صنع الشيعة الإمامية ، وإذا كانت من صنعهم ، فلما ذا أخذ بها كبار علماء العامة ودافعوا عنها بكلّ قوة؟! فلا يخلو الأمر حينئذ من شيئين :
إما تواطؤ علماء العامة مع الشيعة ، وإما جهلهم بطرق الحديث ومتونه ؛ وكلاهما لا يقرّ بهما أحمد أمين وأمثاله ، فيثبت أنّ ما ادّعاه الشيعة ليس من مبتدعاتهم وإنما هي من وحي السماء نزل على سيّد المرسلين محمّد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الذي أخبر عن حفيده الإمام المهديّ ابن الحسن العسكري عليهالسلام فنحن نؤمن بما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين رغما لأنفي ابن خلدون وأحمد أمين.
وأما ابن خلدون الذي طعن في تواتر الأحاديث الواردة بشأن الإمام المهديّ عليهالسلام وأنكر إفادتها لظهوره عليهالسلام ، فقد ردّ عليه أحد أكابر علماء العامة ومن أعاظم المحقّقين عندهم في كتابه «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون أو المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي» وصاحبه أحمد بن محمّد بن الصديق أبو الفيض الغماري الحسني الأزهري الشافعي المغربي (المتوفى عام ١٣٨٠ ه) قال في مقدّمة ردّه على ابن خلدون :
__________________
(١) لقد طعن ابن خلدون في الأحاديث الدالة على الإمام المهدي عليهالسلام وضعّفها كما هو ملحوظ في كتابه «المقدمة» ص ٣١١ فصل ٥٢ في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس.