[«إن سبب نزولها ـ أي الآية المباركة ـ أنه لما أنزل الله (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) ، وحرّم الله نساء النبي على المسلمين ، غضب طلحة فقال :
يحرّم محمّد علينا نساءه ويتزوج هو نساءنا لئن أمات الله عزوجل محمّدا لنركضنّ بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نساءنا ، فأنزل الله عزوجل (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ...)] (١).
لنا على كلام ابن كثير ملاحظة مفادها :
إذا كان القائل «إن مات محمّد لنتزوجنّ بعض نسائه من بعده» لله تعالى ، فلا يعدّ قوله أذية للنبيّ ما دام ـ بنظر الرواية التي عرضها ابن كثير ـ قوله ذاك لله تعالى ، فلما كان ذلك يؤذي النبيّ دل ذلك على أن قول طلحة لم يكن لله تعالى ، وإلا لما تأذّى منه النبيّ ، لأنه لا يتأذى من الحق وما يرجع إلى الحق ، ولما كان ذلك عند الله عظيما.
وما هذه التبرئة لساحة طلحة سوى لأنه مرضي عنه عند أم المؤمنين عائشة سيّدة الجمل ، وإلا لو كان بجانب أمير المؤمنين عليّ لما وجدنا هذا الحمل على الصحة بحقه ، وحسن الظن به ، وهل أن رضا عائشة عنه أو كونه صحابيا ـ كما قد يحسب ذلك البعض ـ يعصمه عن الخطأ وارتكاب الذنوب؟! وهل أن الصحبة ملازمة عقلا وشرعا للعصمة؟ لا أظن عاقلا يقول بالملازمة.
إشكال وحل :
مفاد الإشكال :
كيف حرّم الله تعالى على نساء رسول الله الزواج من بعده ، أليس هذا إجحافا بحقهنّ لا سيّما بالشابات منهنّ حيث يملكن الرغبة الجنسية التي لا يمكن إكباتها
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم المعروف بالقمي ج ٢ / ١٩٥ ونور الثقلين ج ٤ / ٢٨٨.