المجتمع ، وكان في رأس هؤلاء المخالفين شعبة بن الحجاج الذي كان رأسا في النصب والعداء لأهل البيت النبوي عليهمالسلام أيضا.
ولا شك أن وسائل الدعاية والإعلام إذا كانت في أيدي أصحاب فكرة خاصة تكون الغلبة معهم في كثير من المجالات التي تتصل بحياة أفراد المجتمع ، وخاصة الجانب العلمي وكلّ ما يرجع إلى الثقافة والتاريخ وغير ذلك ، فلذلك بقي هذا التصوير غير الحقيقي عن أبان في التاريخ ، ولم يبق للأجيال في صفحات التاريخ أي شيء آخر يصوّر أبان على صورته الحقيقية ، فكلّ من جاء بعد شعبة وتابعيه أخذ بكلامهم إمّا عمدا بقصد معارضة الشيعة ، وإمّا غفلة عمّا اتخذه أعداء الشيعة مسلكا لهم في الجرح والتعديل. وبما أن شخصية أبان كانت عظيمة في المجتمع آنذاك كبر على المخالفين ما كان يعلن من مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، فأوجب ذلك غيظهم وقاموا بإسقاطه عن أعين الناس وصدر عنهم كلمات يستحي الناقلون من نقلها ، ولم يكن كل هذه التوهينات والتّهم من عند العامة إلّا لتشيّعه.
ويدل على ما ذكرنا أمور :
١ ـ أن كثيرا من العامة رووا عن أبان كثيرا من الأحاديث وحتّى شعبة نفسه ، ثم أخذوا في الوقيعة فيه بعد ذلك ، بل إنهم شكّكوا بكلّ من وثق بأبان واعتمد عليه ، فها هو شعبة ينعت سلّم العلوي الذي يروي عن أبان «بأنه يرى الهلال قبل الناس بليلتين» استهزاء به وتصغيرا لشأنه ، كما أن قراءة سريعة لترجمة أبان في ميزان الاعتدال تعطيك انطباعا واضحا عن مدى الكراهية والبغض منهم لأبان ولمروياته ، فواحد جمع مصحفا من رواياته لكنه آخر الأمر لم يستحلّ أن يروي منها عنه حديثا واحدا ، ولئن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان ، بل ذكر الذهبي عن سويد ابن سعيد قال : سمعت عليّ بن مسهر قال : كتبت أنا وحمزة الزيّات عن أبان ابن أبي عيّاش نحوا من خمسمائة حديث ، فلقيت حمزة ، فأخبرني أنه رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ؛ قال : فعرضتها عليه ، فما عرف منها إلّا اليسير خمسة أو ستة أحاديث.