فاختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، وكان فيمن شهد أنهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فحبسهم في ليلة باردة ، وأمر خالد فنادى : ادفئوا أسراكم ، وهي في لغة كنانة القتل ، فقتلوهم ، فسمع خالد الواعية فخرج وقد قتلوا ، فتزوج خالد امرأته ، فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق (١)! وأكثر عليه ، فقال أبو بكر : تأوّل فأخطأ ، ولا أشيم (٢) سيفا سلّه الله على المشركين ، وودى مالكا ، وقدم خالد على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عدوّ الله ، قتلت امرأ مسلما ، ثم نزوت على امرأته لأرجمنّك ...
ثم قال الجزري :
فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة ، ويدل على أنه لم يرتد ، .. وقد اختلف في ردته ، وعمر يقول لخالد : «قتلت امرأ مسلما ، وأبو قتادة يشهد أنهم أذّنوا وصلوا ، وأبو بكر يردّ السبي ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدل على أنه مسلم» (٣).
وقال الطبري : «.. وألحّ عليه عمر في خالد أن يعزله وقال أن في سيفه رهقا فقال : لا يا عمر لم أكن لأشيم سيفا سله الله على الكافرين.
وعن عثمان بن سويد قال : كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شعرا وأن أهل العسكر أثفوا برءوسهم القدور ، فما منهم رأس إلّا وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكا فإن القدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره .. فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطّاب تكلّم فيه عند أبي بكر فأكثر وقال : عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتله ثم نزا على امرأته وأقبل خالد قافلا حتى دخل المسجد وعليه قباء عليه صدأ الحديد معتجرا بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما ، فلمّا أن دخل المسجد قام إليه
__________________
(١) الرّهق : جهل في الإنسان ، وخفّة في عقله ، ويقال به رهق : سريع الشر ، سريع الحدة. وذلة وسفها وطغيانا وظلما ، لسان العرب ج ١٠ / ١٣٠ مادة رهق.
(٢) شام السيف شيما : سلّمه وأغمده. لسان العرب مادة شيم.
(٣) أسد الغابة ج ٥ / ٤٨ ترجمة مالك بن نويرة.