الموت وهو بالربذة ، فبكت امرأته ، فقال : ما يبكيك؟ فقالت : أبكي أنه لا بدّ لي من تكفينك وليس عندي ثوب يسع لك كفنا ، فقال : لا تبكي ، فإني سمعت رسول الله ذات يوم ، وأنا عنده في نفر يقول : «ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ، تشهده عصابة من المؤمنين» فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية ، ولم يبق غيري ، وقد أصبحت بالفلاة أموت ، فراقبي الطريق ، فإنك سوف ترين ما أقول لك ، وإني والله ما كذبت ولا كذّبت ، قالت : وأنى ذلك وقد انقطع الحاج! قال : راقبي الطريق ، فبينما هي كذلك إذ هي بقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرّخم ...» (١).
أخرج ابن سعد من طريق عبد الله بن الصامت قال : قال أبو ذر : صليت قبل الإسلام قبل أن ألقى رسول الله ثلاث سنين ، فقلت : لمن؟ قال : لله ، فقلت : أين توجّه؟ قال : أتوجّه حيث يوجهني الله.
وأخرج من طريق أبي معشر نجيح قال : كان أبو ذر يتألّه في الجاهلية ويقول : لا إله إلا الله ، ولا يعبد الأصنام ، فمرّ عليه رجل من أهل مكة بعد ما أوحي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا أبا ذر: إن رجلا بمكة يقول مثل ما تقول : لا إله إلا الله ، ويزعم أنه نبي (٢).
مدحه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا وفي مواضع متعددة ، وتكفي مقالته المشهورة فيه : «ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء بعد النبيين أصدق من أبي ذرّ» (٣).
وأخرج الطبراني مرفوعا إلى النبيّ قال :
«من سرّه أن ينظر إلى شبه عيسى خلقا وخلقا فلينظر إلى أبي ذر» (٤).
__________________
(١) أسد الغابة ج ١ / ٥٦٤.
(٢) الطبقات ج ٤ / ١٦١.
(٣) لفظ ابن ماجة في السنن ج ١ / ٦٨.
(٤) مجمع الزوائد ج ٩ / ٣٣٠ وكنز العمال ج ٦ / ١٦٩.