ويذكر الزرقاني السبب في عدم تنقيط القرآن قبل إرساله إلى الجهات فقال : «كان العلماء في الصدر الأول يرون كراهة نقط المصحف وشكله مبالغة منهم في المحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفا من أن يؤدي ذلك إلى التغيير فيه .. ولكنّ الزمان تغيّر ، فاضطر المسلمون إلى إعجام المصحف وشكله لنفس ذلك السبب ، أي للمحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفا من أن يؤدي تجرّده من النقط والشكل إلى التغيير فيه» (١).
ثانيا : إن رواة كل قراءة من هذه القراءات ، لم تثبت وثاقتهم أجمع ، فلا تشمل أدلة حجية خبر الثقة روايتهم.
ثالثا : إنّا لو سلّمنا أن القراءات كلها تستند إلى الرواية ، وأن جميع رواتها ثقات ، إلّا أنّا نعلم علما إجماليا أن بعض هذه القراءات لم تصدر عن النبيّ قطعا ، ومن الواضح أن مثل هذا العلم يوجب التعارض بين تلك الروايات وتكون كل واحدة منها مكذّبة للأخرى ، فتسقط جميعها عن الحجية ، فإن تخصيص بعضها بالاعتبار ترجيح بلا مرجح ، فلا بدّ من الرجوع إلى مرجحات باب المعارضة ، وبدونه لا يجوز الاحتجاج على الحكم الشرعي بواحدة من تلك القراءات (٢).
إشكال :
لمّا كانت القراءات اجتهادات من نفس القرّاء ، فإنه يدل على عدم حجيتها ، في حين ورد الأمر عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام بالقراءة كما يقرأ الناس وقد كانت هذه القراءات شائعة في عهودهم عليهمالسلام ، فكيف الخلاص؟
والجواب :
١ ـ أن أمرهم لشيعتهم أن يقرءوا كما يقرأ الناس ـ أي العامة ـ محمول على التقية ، وذلك لشيوع تلك القراءات في عهودهم بحيث يعتبر المتخلّف عنها بحكم
__________________
(١) مناهل العرفان ص ٤٠٢ ط / ٢.
(٢) البيان للخوئي ص ١٦٦.