يرد عليها :
أولا : مخالفة المفيد للإجماع ـ لو سلّمنا بذلك ـ لا يضر بانعقاده ، ما دام المخالف معلوم النسب كما هو مقرّر في محله ، هذا مضافا إلى أن المفيد نفسه قد ذكر الإسقاط في كتابيه «الاختصاص والأمالي» ، وعدم ذكر المفيد لكسر الضلع في كتبه ، لا يدل على إنكاره له من الأساس ، وبعبارة أخرى : عدم وجود ذاك في كتبه ، ليس دليلا على عدم اعتقاده بالكسر.
ثانيا :
حينما ذكر الشيخ المفيد بعبارته المتقدمة «وفي الشيعة من يذكر ..» قصد به الإمامية الاثني عشرية ، حيث هم فرقة من فرق الشيعة ، إذ إن مصطلح الشيعة ليس مخصوصا بالاثني عشرية بل يعم كل من اعتقد بإمامة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وإن لم يعتقد بإمامة سائر الأئمة الميامين عليهمالسلام ، فالزيدية والفطحية والناووسية والواقفية وغيرهم من فرق الشيعة.
وعليه فإن المفيد أراد تخصيص الإمامية عن غيرها من فرق الشيعة ، فقال : «وفي الشيعة من يذكر» وذيل كلامه : «فعلى قول هذه الطائفة ..» يؤكد ما قلنا من أنه ليس كلّ الشيعة يعتقد بإسقاط محسن بل خصوص الإمامية منهم ، من هنا لقّب الشيخ الطوسي ب «شيخ الطائفة» والمقصود هو طائفة الإمامية ، لا مطلق الشيعة.
ثالثا :
لقد راعى المفيد الظروف والأجواء السياسية المشحونة بالتعصب ضد الشيعة يوم ذاك ، فكان الحنابلة ـ بين الحين والآخر ـ يشنون الحملات المستعرة على الإمامية ، فكانوا يحرقون البيوت ويذبحون الأطفال والنساء ، فقد روى المؤرخون أن السنّة قد أحرقوا في عام ٣٦٢ ه سبعة عشر ألف إنسان ، وثلاث مائة دكان ، وثلاثة وثلاثين مسجدا ، وثلاث مائة وعشرين دارا (١) ومن الأموال ما لا يحصى.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٨ / ٦٢٨ حوادث عام ٣٦٢ وحوادث ٣٦١ ه وج ٩ / ٥٩١.