الشبهة السابعة :
إن استمرار غيبة الإمام المهديّ على الوجه الذي تزعمه الشيعة الإمامية من حيث عدم ظهوره للناس ، ولا يتولّى إقامة الحدود ولا ينفذ الأحكام ولا تظهر له دعوة إلى حقّ ، ولا يهدي ضالا ولا يجاهد كافرا ، فمنع انتفاء هذه الفوائد عنه بطلت الحاجة إليه في حفظ الشرع والملّة ، وكان وجوده في العالم كعدمه.
يرد عليها :
(١) إنّ الأمر بخلاف ما ذكرته الشبهة وذلك لأن غيبة الإمام المهدي المنتظر عجّل الله فرجه الشريف لا تضرّ في الحاجة إليه في حفظ الشريعة وقوام الملّة ، وإن كان يتراءى ذلك ذي بدء إلّا أن الواقع يخالفه ويناهضه ، ألا ترى أن الدعوة إلى إمام الزمان ـ التي هي في الواقع دعوة إلى دين الله عزوجل لأنه ـ روحي فداه ـ يمثّل التوحيد بشتى أقسامه ـ إنما يتولّاها شيعته من العارفين به والمخلصين لشخصه الكريم فتقوم الحجّة حينئذ بهم في ذلك ، ولا يحتاج هو إلى تولّي ذلك بنفسه ، وله في ذلك أسوة بمن تقدّمه من المرسلين والأنبياء والأوصياء عليهمالسلام حيث كانت دعواتهم تنتشر بواسطة نوابهم ووكلائهم لا سيّما رسول الله إذ كان له وكلاء في الأمصار والأقطار ينوبون عنه في تبليغ الأحكام والمهام ، ولا يحتاجون إلى قطع المسافات لذلك بأنفسهم ، فكانت الحجة تصل إلى الناس بأتباع الأنبياء والمقرّبين بنبوتهم عليهمالسلام ، وهكذا كانت الدعوة إليهم تقوم بأولئك التابعين لهمعليهمالسلام بعد وفاتهم ، وتثبت الحجّة لهم في نبوّتهم ، وكذلك إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام ودرء الفساد ، فقد كان المتولّي لها أمراء الأئمة عليهمالسلام وعمّالهم المنصوبون من قبلهم دون أشخاصهم وأعيانهم ، كما كان يتولّى ذلك أمراء الأنبياء عليهمالسلام وولاتهم ولا يحوجونهم إلى تولّي ذلك بأنفسهم ، وكذلك القول في الجهاد ، ألا ترى أنه يقوم به الولاة من قبل الأنبياء والأئمة دونهم ، ويستغنون بذلك عن تولّيه بأنفسهم.