رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : ناظرة إلى وجه الله. ومنها عن ابن المنذر عن عكرمة تعقيبا على الآية قال : ناضرة إلى النعيم (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : تنظر إلى الله نظرا. ومنها ما أخرجه عن الدارقطني عن أبي هريرة أن النبيّ قال : ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر أو كما ترون الشمس ليس دونها سحاب.
هذا هو المشهور بل المتسالم عليه عند العامة ، بل إنّ الآمدي زاد على الرؤية البصرية الأخروية ، الرؤية لله تعالى في الدنيا فقال : (اجتمعت الأئمة من أصحابنا على أن رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة جائزة عقلا ، واختلفوا في جوازها سمعا في الدنيا ، فأثبته بعضهم ونفاه آخرون)(١).
وقد ذكر الشهرستاني ما يؤكد مقالة الآمدي ، حاكيا عمّن يقول بالتشبيه قال : [إن مضر وكهمس وأحمد الهجيمي أجازوا على ربّهم الملامسة والمصافحة ، وأن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حدّ الإخلاص والاتحاد المحض ، وحكى عن الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوّز الرؤية في دار الدنيا وأن يزوره ويزورهم ، وحكى عن داود الجواربي أنه قال :
«اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلك»] (٢). إلى غير ذلك من المنكرات التي تشمئز منها النفوس ، وتتكهرب لها الأفئدة والعقول ، آخذين بظواهر النصوص من دون رجوع إلى المحكمات وأحكام العقول.
ولو قيل : إننا أردنا المجاز بهذا الكلام.
قلنا لهم : عليكم أن تأتوا بقرائن تبيّن المراد وتجلى غوامض الأسرار ، وإلّا فعند الإطلاق فلا يحمل الكلام إلّا على المتعارف من الأجسام ، هذا بالإضافة إلى أن ابن كثير والرازي والبخاري وغيرهم نصبوا قرينة على مرادهم وأنّ الرؤية البصرية جائزة ، فحينئذ لا مجال لدعوى المجاز.
__________________
(١) شرح المواقف ج ٨ / ١١٥.
(٢) الملل والنّحل ج ١ / ١٠٥.