الغلط والاشتباه ، ولم يرد دليل من العقل ، ولا من الشرع على وجوب اتّباع قارئ منهم بالخصوص، وقد استقل العقل ، وحكم الشرع بالمنع عن اتّباع غير العلم.
ودعوى أن القراءات ـ وإن لم تكن متواترة ـ إلا أنها منقولة عن النبيّ بخبر الواحد «فتشملها الأدلة القطعية الدالة على جواز الأخذ بأخبار الآحاد ، فيخرج الاستناد إليها عن العمل بالظن بالورود أو الحكومة أو التخصيص» مردودة وذلك :
أولا : إن القراءات لم يثبت كونها رواية ، لتشملها هذه الأدلة ، بل هي اجتهادات من القرّاء ، ويؤيد هذا ما ورد عن ثلة من محققي علماء العامة ، منهم القرطبي ، فقال :
«قال كثير من علمائنا كالداودي ، وابن أبي سفرة وغيرهما : هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القرّاء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها ، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف ، ذكره ابن النحّاس وغيره ، وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القرّاء (١).
وقال الزركشي في البرهان :
«للقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمّد للبيان والإعجاز ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، وكيفيتها من تخفيف وتشديد غيرهما ، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل هي مشهورة ، والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة ، أما تواترها عن النبيّ ففيه نظر ، فإن إسنادهم بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد» (٢).
وقال الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمّد في الشافي :
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١ / ٤٦.
(٢) الإتقان : ج ١ / ١٧٤ ط / دار الكتب العلمية.