يحشر الناس فوجا فوجا هو يحشر وحده ليس لأنه كان في زمانه متفردا بدين الحق من بين قومه ـ حسبما ادّعى (١) العلّامة المجلسي عليه الرحمة ـ بل لأن إيمانه يوازي أمة بكاملها ، ويؤيد ما قلنا ما ورد عن مولانا الإمام أبي عبد الله عليهالسلام بقوله لمن قال له : إن الناس يقولون : إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه ، قال عليهالسلام : كذبوا والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم (٢).
وروي عن ابن مسكان عن مولانا الإمام جعفر بن محمّد عليهالسلام قال : سألته عن القائم في طريق الغريّ ، فقال : نعم إنه لمّا جازوا بسرير أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام انحني أسفا وحزنا على أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكذلك سرير أبرهة لمّا دخل عليه عبد المطلب انحنى ومال (٣).
ولا يخفى أن انحناء السرير له دلالة مهمة على علو شأنه ، وانحناء الجماد له إشارة إلى كونه قبلة إلى الله تعالى ، فلو لا أنه معصوم لما سجدت الكائنات له ، ضرورة أنها لا تنحني لمؤمن عادي مهما بلغ شأنه بالتقى والورع.
وفي خبر آخر عن الكافي عن الحسن بن راشد عن الإمام أبي ابراهيم عليهالسلام قال : «... فأتاه الله بالنوم ـ أي أنامه ـ فغشيه وهو في حجر الكعبة ، فرأى ذلك الرجل بعينه وهو يقول : يا شيبة الحمد أحمد ربك ، فإنه سيجعلك لسان الأرض ويتبعك قريش خوفا ورهبة وطمعا .. فلما أن كان الليل أتاه في منامه بعدة من رجال وصبيان ، فقالوا له : نحن أتباع ولدك ، ونحن من سكّان السماء السادسة ، السيوف ليست لك ، تزوّج في مخزوم تقوي (تقو : نسخة) .. فدفع الأسياف جميعها إلى بني المخزومية : إلى الزبير وإلى أبي طالب وإلى عبد الله ، فصار لأبي
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١٥ / ١٥٧.
(٢) بحار الأنوار ج ٣٥ / ١١٢ ح ٤٤.
(٣) بحار الأنوار ج ١٥ / ١٦٠ نقلا عن أمالي الطوسي.