إلى بغداد ، فلما كان بهذا المكان ، بعد أن فرغ من إفطاره ، وخرج في ملحفته إلى خيمة حرمه ، أتاه صبي ديلمي من الباطنية ، في صورة مستميح أو مستغيث ، فضربه بسكين كانت معه ، فقضى عليه وهرب ، فعثر بطنب خيمة ، فأدركوه فقتلوه ، وركب السلطان إلى خيمه فسكن عسكره وأصحابه .. وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة» (١).
ويذكر ابن الأثير (٢) أن المدبّر لقتل نظام الملك هو السلطان ملكشاه الذي لم يبق بعد نظام الملك أكثر من خمسة وثلاثين (٣) يوما وبعدها انحلت الدولة ووقع السيف ، كما أنه يذكر أن سبب(٤) موته أنه أكل لحم صيد فحمّ وافتصد ولم يستوف إخراج الدم فثقل مرضه ، وكانت حمى محرقة فتوفى ليلة الجمعة النصف من شوال.
لنا هنا ملاحظة وهي :
إن ما رواه ابن الأثير من كون السلطان ملكشاه هو المدبّر لقتل نظام الملك يتعارض مع ما رواه مقاتل ابن عطية ، فإما أن يتساقطا وإما أن يترجح أحدهما على الآخر ، أما الأول فلا يصح لإمكان تقديم قول ابن عطية على قول ابن الأثير ، لتقديم شهادة الإمامي على غيره ، فيتعين الثاني وهو المطلوب.
وأما ما ادّعاه من أن موت السلطان كان سببه حمى ، فأيضا يتعارض مع قول ابن عطية الذي دل على أن النواصب دبّروا قتله كما دبروا قتل نظام الملك ، وقوله في كل الحالات يترجح على قول ابن الأثير ، لشهادة الثاني (٥) بأن ابن عطية صرّح في أبياته أن الأيام عزّت فلم تعرف قيمة نظام الملك.
__________________
(١) نفس المصدر ص ٢٠٤.
(٢) نفس المصدر ص ٢٠٦ وص ٢١٠.
(٣) نفس المصدر ص ٢٠٦.
(٤) نفس المصدر ص ٢١٠.
(٥) ذكر ابن الأثير بيتين من تلك الأبيات التي يمدح فيها ابن عطية تشيع نظام الملك فليراجع الكامل ج ١٠ / ٢٠٦.