طلقت آمنة بنت وهب ، وأخذها المخاض بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب ، فلم تزل معها حتى وضعت ، فقالت إحداهما للأخرى : هل ترين ما أرى؟ فقالت : وما ترين؟
قالت : هذا النور قد سطع ما بين المشرق والمغرب ، فبينما هما كذلك ، إذ دخل عليهما أبو طالب ، فقال لهما : ما لكما؟ من أي شيء تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت ، فقال لها أبو طالب : ألا أبشّرك؟ فقالت : بلى ، فقال : إما أنك ستلدين غلاما يكون وصي هذا المولود (١).
وهذان الحديثان يدلان على أن أبا طالب عليهالسلام كان وصيّا من أوصياء الأنبياء ، ويؤكد ما قلنا ما رواه الصدوق : «من أن عبد المطلب كان حجة ، وأبو طالب كان وصيّه» (٢). ولما رواه الكليني : إن أبا طالب كان مستودعا للوصايا فدفعها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
٣ ـ لو كان أبو طالب كافرا لكان شنّع معاوية وحزبه والزبيريون وأعوانهم على الإمام عليّ المرتضى عليهالسلام مع أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يذمهم ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات ورذالة النسب.
٤ ـ ورد في نصوص عدة أن أبا طالب أمر ولده جعفرا أن يصل جناح ابن عمه رسول الله محمّد في الصلاة ، كما أمر حمزة بالثبات على الدين ، هذا مضافا إلى أنه أظهر سروره بالنبيّ عند ما جهر بدعوته ، فكان المدافع القوي عن ابن أخيه النبيّ محمّد والمحامي الوحيد له من المشركين ، كما أنه أطاع النبيّ عند ما أمر أعمامه باتباع مولانا أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام يوم الدار في السنة الثالثة للبعثة.
٥ ـ لو كان أبو طالب كافرا لما أمر ابنه المؤمن ـ بل الإيمان متجسد به ـ
__________________
(١) روضة الكافي ص ٢٥٠ رقم الحديث ٤٦٠.
(٢) اعتقادات الصدوق ص ١١٠ وبحار الأنوار ج ١٥ / ١١٧.
(٣) أصول الكافي ج ١ / ٤٤٥ ، وبحار الأنوار ج ٣٥ / ٧٣ ح ٨.