وقد سفّر أبا ذر الغفاري (١) ، ذلك الصحابي الجليل الذي قال فيه الرسول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» ونفاه وأبعده من المدينة إلى الشام مرة أو مرتين ثم إلى الربذة ـ وهي أرض جرداء بين مكة والمدينة ـ حتى مات أبو ذر في الربذة جوعا وعطشا ، في الوقت الذي كان عثمان يتقلّب في بيت مال المسلمين ويوزّع الأموال على أقاربه من الأمويين والمروانيين!
____________________________________
(١) قال ابن الأثير :
[جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر ، وقيل غير ذلك ، كنيته أبو ذر الغفاري ، وأسلم والنبيّ بمكّة أول الإسلام ، فكان رابع أربعة ، وهو أول من حيّا رسول الله بتحية الإسلام ، ولمّا أسلم رجع إلى بلاد قومه ، فأقام بها حتى هاجر النبيّ فأتاه بالمدينة وصحبه إلى أن مات ، وكان يعبد الله قبل مبعث النبيّ بثلاث سنين ، وبايع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، وعلى أن يقول الحق وإن كان مرّا.
أخبرنا إبراهيم بن محمّد ... عن عبد الله بن عمرو قال : «سمعت رسول الله يقول : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق من أبي ذر».
وروي أن النبيّ قال : «أبو ذر يمشي على الأرض في زهد عيسى بن مريم»] (١).
استقدمه عثمان من الشام لشكوى معاوية منه ، فأسكنه الربذة حتى مات بها.
وروى إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه ، عن زوجة أبي ذر ، أن أبا ذر حضره
__________________
(١) أسد الغابة ج ١ / ٥٦٢.