وقد نسخ الإنجيل ذلك ، وحرّم الطلاق بما جاء في الإصحاح الخامس من متى «عدد ٣١ ـ ٣٢» : «وقيل من طلّق امرأته فليعطها كتاب طلاق ، وأما أنا فأقول لكم إن من طلّق امرأته إلّا لعلة الزنا يجعلها تزني ، ومن يتزوّج مطلّقة فإنه يزني».
وجاء مثل ذلك في الإصحاح العاشر من مرقس : «عدد ١١ ـ ١٢» : «فقال لهم من طلّق امرأته وتزوّج بأخرى يزني عليها ، وإن طلّقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني».
وفي الإصحاح السادس عشر من لوقا «عدد ١٨» : «كلّ من يطلّق امرأته ويتزوّج بأخرى يزني ، وكلّ من يتزوّج بمطلّقة من رجل يزني».
هذه نبذة مما ذكره التوراة والإنجيل على صحة وقوع النسخ فيهما ، وهناك الكثير أعرضنا عن ذكرها روما للاختصار.
والنسخ في القرآن يتصور على أنواع ، نعرضها مع التعقيب على كل نوع بما تقتضيه أداة النقد والتمحيص :
١ ـ نسخ الحكم والتلاوة معا.
وماهيته أن يسقط أو يحذف من القرآن آية كانت ذات حكم تشريعي ، وكان المسلمون في عهد الرسالة يتداولونها ويقرءونها ويتعاطون حكمها ، ثم نسخت وبطل حكمها ومحيت من صفحة الوجود رأسا.
هذا النوع من النسخ مرفوض عندنا نحن الشيعة الإمامية لا سيّما على مسلك المشهور كما قلنا سابقا. نعم هو مقبول عند جمهور العامة وإن كانوا يتظاهرون بخلافه ، فها هو السيوطي (١) ومعه عبد العظيم الزرقاني (٢) يثبتان هذا النوع من النسخ في القرآن ، بحجة مجيئه في حديث صحيح الإسناد إلى عائشة أنها قالت :
__________________
(١) راجع الاتقان ج ٢ / ٤٦.
(٢) مناهل العرفان ج ٢ / ٢١٤.