كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن ثم نسخن : بخمس معلومات ، فتوفى رسول الله وهنّ فيما يقرأ من القرآن (١).
ليت شعري كيف يلتزم بالتحريف من يتهم الشيعة به ، لأن إثبات هذا النوع من النسخ يرجع في واقعه إلى القول بالتحريف بأن تكون آية ذات حكم تشريعي ، وكانت تتلى حتى وفاة رسول الله ثم نسيت ، وليس ذلك سوى إسقاط آية بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في حين أن الأمر عكس ذلك عند جمهور المسلمين.
نعم استنكر على هذا النوع من النسخ بعض علماء العامة كالزركشي والقاضي أبو بكر في الانتصار. قال الأول : «وقد تكلّموا في قول عائشة : «وهن مما يقرأ» فإن ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك ، فمنهم من أجاب بأن المراد قارب الوفاة ، والأظهر أن التلاوة نسخت أيضا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم فتوفى وبعض الناس يقرؤها».
وحكى الزركشي عن الثاني ـ أي القاضي أبي بكر ـ إن قوما أنكروا هذا القسم ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها» (٢).
وأنكر السرخسي هذا النوع من النسخ في القرآن ، معترضا على من اعتقد به ، رادا الحديث المروي عن عائشة عادّا له من أخبار الآحاد التي لا يعوّل عليها ، مع أن الواحدي ممن يعتقد (٣) بوقوع هذا النوع من النسخ مستدلا بما روي عن أبي بكر قال : كنا نقرأ «لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر» وكذا الشافعي فإنه صحّح ما يروى عن عائشة بشأن عدد الرضعات ، قال النووي الدمشقي في هامش صحيح مسلم : «وأما الشافعي وموافقوه فأخذوا بحديث عائشة خمس رضعات معلومات ..
__________________
(١) صحيح مسلم ج ١٠ / ٢٦ كتاب الرضاع ، باب ٦. والاتقان ج ٢ / ٤٦ وسنن الترمذي ج ٣ / ٤٥٦.
(٢) البرهان ج ٢ / ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) البرهان للزركشي ج ٢ / ٣٩ وأصول السرخسي ج ٢ / ٧٨.