هنا حصر الرازقية به تعالى دون غيره. ولكنه في آية أخرى فوّضها إلى بعض العباد بإذنه وبطول إرادته كما في قوله عزّ اسمه : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (١) ، (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٢).
وكذا حصر الزراعة به تعالى بقوله : (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٣) ، وفي نفس الوقت يعدّ الإنسان زارعا كما في قوله تعالى : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) (٤).
ثانيا : إنّ ما استدل به الأشعري وأتباعه على صحة الجبر ونسبة إيجاد الأفعال إليه تعالى معارضة بغيرها من الآيات ، فتصرف التي ظاهرها الجبر عن ظاهرها.
وهناك أصناف من الآيات المعارضة لتلك الظاهرة في الجبر وهي :
ـ الصنف الأول : الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد كقوله تعالى :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) (٥).
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) (٦).
(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٧).
(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) (٨).
__________________
(١) سورة النساء : ٥.
(٢) سورة المؤمنون : ٧٢.
(٣) سورة الواقعة : ٦٤.
(٤) سورة الفتح : ٢٩.
(٥) سورة البقرة : ٧٩.
(٦) سورة الأنعام : ١١٦.
(٧) سورة الرعد : ١١.
(٨) سورة يوسف : ١٨.