ثمانين ألفا ، وهزمه بأقل من ساعة ، وكان ذلك عام ١٧٠٠ م في معركة نارفا (١).
إذن لا غرابة في تنصيب أسامة بن زيد قائدا على جيش كبير يريد صدّ جيش الروم في أطراف الجزيرة العربية آنذاك ، وتخلّف أبو بكر وعمر وجماعة معهما عن السير معه ، بحجة أنه صغير والقوم مشايخ كبار ، وأيضا لا غرابة في تنصيب أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام خليفة على المسلمين بأمر منه سبحانه وتعالى.
٢ ـ لو كان الصغر عائقا فلم أرسل النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام عليّا عليهالسلام خلف أبي بكر وأخذ منه سورة براءة؟!! فمن لم يكن أهلا لأن يبلّغ سورة براءة فليس أهلا لأن يبلّغ الرسالة ويقود مجتمعا بكامله!! وليس لنا أن نردّ حكم رسول الله.
٣ ـ تعتبر الخلافة في الإسلام مركزا إلهيا وسفارة ربانية تنوب مناب النبوّة في التبليغ وإقامة الحدود الخ ... وليست كما يتصوّر العامة أنها مركز اجتماعي دنيوي تعيينه بيد أهل الحل والعقد ، بل الأمر أخطر مما نتصور ، فإن الإمامة عهد الله تعالى تعيينها بيده سبحانه كما عيّن ابراهيمعليهالسلام إماما بعد أن كان نبيّا. فإذا اختار سبحانه شخصا لأن يكون خليفة وإماما فلا رادّ لحكمه ، قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٢). إضافة إلى أنه تعالى جعل بعض الناس أنبياء في صغرهم كعيسى بن مريم عليهماالسلام حيث حكى عزوجل عنه بقوله : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (٣) ، فكان نبيا وهو صغير وأرسل إلى الناس بعد بلوغه، وظاهر الكلام أنه كان أوتي الكتاب والنبوة لا أنّ ذلك إخبار بما سيقع (٤).
__________________
(١) غرائب وأسرار / بديع الزين ص ٣٠ ط / دار الفكر العربي.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٣) سورة مريم : ٢٩ ـ ٣٠.
(٤) تفسير الميزان ج ١٤ / ٤٧.