والجواب :
هنا احتمالات :
(١) إمّا أن الشيخ ومن وافقه لم يطّلعوا على هذين الخبرين ، وهذا بعيد جدا في حق مشايخ الطائفة ، لا سيّما وأن لهم مصنفات في جمع الأخبار.
(٢) وإمّا أن يكونوا قد اطّلعوا ولكنّهم لم يأخذوا بمفادهما.
(٣) وإمّا أن الخبرين لم يكونا.
أوجه هذه الاحتمالات هو الثاني ، أما الأول فقد عرفت وجهه ، وأما الثالث فمدفوع بالأصل حيث لو لم يكونا قبل عصر المفيد ثم وجدا في بعض الكتب بعده لبان وظهر من خلال المقارنة بالنسخ القديمة السابقة على عصره ، مع أن الخبرين رواهما الشيخ الكليني في الكافي وهو متقدّم زمنا على الشيخ المفيد ، فالاحتمال ساقط من أساسه.
فلا يبقى مجال إلّا أن نقول : إن الشيخ وأمثاله لم يأخذوا بنظر الاعتبار صحة هذين الخبرين لأحد أمرين :
إمّا لاعتقادهم بأنّ هذين الخبرين مصدرهما العامة ، وأن الراوي لهما بالأصل هو أبو محمّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ـ حسبما عبّر الشيخ المفيد نفسه عن ذلك ـ وإمّا لكثرة الاختلاف والاضطراب في أصل القضية المروية بالأخبار المختلفة ، مما أوجب اختلالها وعدم الوثوق بشيء منها ، وذلك يستلزم سقوطها عن الحجية.
ث ـ إنّ الخبرين المتقدّمين يتعارضان أيضا مع ما أورده صاحب البحار (١) نقلا عن النوبختي في كتابه «الإمامة» من أن أمّ كلثوم كانت صغيرة ومات عمر قبل
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤٢ / ٩١.