فقال عليهالسلام : لا ، ولكن كان مستودعا للوصايا فدفعها إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : قلت : فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به؟ فقال : لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية ، قال : فقلت : فما كان حال أبي طالب؟
قال : أقرّ بالنبيّ وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه (١).
بيان :
يفهم من الخبر أن أبا طالب عليهالسلام معه مواريث الأنبياء ، وقبل موته سلّمها إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ضرورة أن احتفاظه بمواريث الأنبياء دليل عصمته وطهارته من الدنس ، لأن مواريث الأنبياء دائما بيد الأوصياء لم تتخلف هذه السنّة منذ آدم عليهالسلام إلى غياب مولانا وإمامنا الحجّة ابن الحسن المهدي عليهالسلام وعجّل الله فرجه الشريف. من هنا ظن السائل أن أبا طالب حجّة على رسول الله! فأجابه الإمام عليهالسلام بالنفي ، وظنّ السائل في محله وذلك : لأن القاعدة تقتضي أن يوصي الأعلى رتبة إلى الأدون منه أي يوصي النبيّ إلى وصيه ، فلمّا سلّم أبو طالب المواريث والوصايا ظن السائل أن أبا طالب أفضل من رسول الله وأعلى منه درجة ، لذا قال له الإمامعليهالسلام: دفع الوصايا لا يستلزم كون أبي طالب حجة على رسول الله بل ينافيه بمعنى لو كان أبو طالب حجة على رسول الله (أي أعلى درجة) لما كان على أبي طالب أن يقدّم إلى رسول الله ليدفع إليه الوصايا ، بل كان على النبيّ أن يقدّم إليه لأخذ الوصايا كما هو سيرة الأوصياء كالكعبة تزار دائما.
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٣٥ / ٧٣ ح ٨ وأصول الكافي ج ١ / ٤٤٥. وقوله عليهالسلام : ومات من يومه أي يوم الدفع لا يوم الإقرار ، ويحتمل تعلقه بهما ، ويكون المراد الإقرار الظاهر الذي اطّلع عليه غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم ويؤيد الاحتمال الثاني ما ورد عن ابن عبّاس قال : أخبرني العبّاس بن عبد المطّلب أن أبا طالب شهد عند الموت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، هامش الفصول المائة في حياة الأئمة ج ١ / ٧٤ السيّد أصغر ناظم زاده القمي.
أقول : المراد من الإقرار هنا تأكيد الاعتراف برسول الله كما كان يفعل الأئمة عليهمالسلام حينما يوصون إلى بعضهم كانوا يؤكدون هذا المعنى ، وإلا فلا ملازمة بين الإقرار يوم الممات وبين إنكار رسالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.