يرد عليه :
أولا : إن ما ادّعاه أصحاب الكسب من أن قدرة العبد مقارنة لقدرة الرب يستدعي أن يكون وجود القدرة عند العبد وعدم وجودها سيّان ما دامت غير صالحة للتأثير ومغلوبة بقدرة الرب ، لذا قال ابن رشد :
لا فرق بين القول بالكسب وقول الجبرية إلّا باللفظ ، والاختلاف باللفظ لا يوجب الاختلاف في المعنى (١).
ثانيا : إن تحقق الفعل منه سبحانه وتعالى مقارنا لقدرة العبد لا يصحّح نسبة الفعل إلى العبد ، ومعه كيف يتحمّل مسئوليته إن لم يكن لقدرة العبد تأثير في وقوعه ، وعليه ، تكون الحركات الاختيارية تماما كالحركات الجبرية.
ثالثا : دعوى الاعتقاد بكسب العبد لأفعاله يؤدي إلى الإشراك بالله تعالى وهو ظلم عظيم ، لأن الاعتقاد بالمقارنة عين الشرك وخلاف التوحيد الأفعالي لله سبحانه وتعالى.
استدلال الأشاعرة على صحة الجبر :
استدلوا على ذلك بأدلة عقلية وأخرى نقلية ، ومن العجيب استدلالهم بالعقل على صحة الجبر مع اعتقادهم بالحسن والقبح العقليين بل هما شرعيان عندهم ، فما أمر به الشرع هو حسن ، وما نهى عنه فهو قبيح ولا مدخل للعقل بذلك.
ونحن هنا سنتطرق إلى أدلتهم النقلية ، لعدم الاعتداد بأدلتهم العقلية لأن من لا يؤمن بأدلة العقل على قبح الجبر كيف يستدل ـ بنفس الوقت ـ على صحته؟ أليس هذا عين التهافت والتناقض؟ ومع هذا فقد تعرّضنا لأدلتهم العقلية في غير هذا الكتاب وأبطلناها من أساسها ببركة مواليّ الكرام عليهمالسلام فراجع (٢).
__________________
(١) الفوائد البهيّة ج ١ / ٣٢٠.
(٢) الفوائد البهيّة ج ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢٦.