بلى ؛ قال : أوليسوا بالمشركين ، قال : بلى ؛ قال : فعلام نعطي الدّنيّة (١) في ديننا؟ قال أبو بكر : يا عمر ، الزم غرزه (٢) ، فإني أشهد أنه رسول الله ؛ قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله ، ثم أتى رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال ؛ بلى ؛ قال : أولسنا بالمسلمين؟ قال : بلى ؛ قال : أوليسوا بالمشركين؟ قال : بلى ؛ قال : فعلام نعطي الدنيّة في ديننا؟ قال : أنا عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ، ولن يضيّعني! قال : فكان عمر يقول : ما زلت أتصدّق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ! مخافة كلامي الذي تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيرا.
قال : ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه ، فقال : اكتب :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال : فقال سهيل : لا أعرف هذا ، ولكن اكتب : باسمك اللهم ؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اكتب : (باسمك اللهم) ، فكتبها ؛ ثم قال : اكتب : (هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو) ؛ قال : فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ؛ قال : فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اكتب :
(هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكفّ بعضهم عن بعض ، على أنه من أتى محمّدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم ، ومن جاء قريشا ممّن مع محمّد لم يردّوه عليه ، وإن بيننا عيبة مكفوفة (٣) وأنه لا إسلال ولا إغلال (٤) ، وأنه من
__________________
(١) الدّنية : الذلّ والأمر الخسيس.
(٢) الزم غرزه : أي الزم أمره. والغرز للرجل بمنزلة الركاب للسّرج.
(٣) أي صدور منطوية على ما فيها ، لا تبدي عداوة ، وضرب العيبة مثلا.
(٤) الإسلال : السرقة الخفية ، والإغلال : الخيانة.