فعلم بما ذكرنا آنفا أن الذي أحوج إلى وجود الإمام عليهالسلام ومنع من عدمه ما اختصّ به من حفظ الشرع ومراعاة حدوده ، الأمر الذي لا يجوز أن يؤتمن عليه سواه من أفراد الرعية ، كما أن على الرعية حفظ ما كلّفوا بأدائه ، فمتى وجد منهم قائما بذلك فهو في سعة من الاستتار والصمت ، ومتى وجدهم قد أطبقوا على تركه وضلّوا عن الطريق الحقّ فيما كلّفوه من نقله وحمله ، ولو بانضمامه إليهم من حيث لا يعرفونه ، ظهر لتولّي ذلك بنفسه ، ولا يسعه حينئذ إهمال القيام به ، فلذلك وجب في حكم العقل وجوده وعدم جواز موته ، الأمر الذي يمنعه من رعاية الدين وحفظه وتفقّده لأحوال من تمسّك به أو فارقه ، وهذه هي الميزة التي يفترق بها الإمام عمّن سواه من رعيته ، وهذا بيّن لمن تدبره.
(٢) إذا غاب الإمام عليهالسلام ـ روحي فداه ـ للخوف على نفسه من القوم الظالمين ، فضاعت لذلك الحدود وأهملت الأحكام وتعطلت الحدود ، ووقع بسبب الغيبة الفساد في الأرض ، كان المسئول عن ذلك كلّه فعل الظالمين دون الله عزوجل ، وكانوا هم المجرمين المؤاخذين به دون الإمام عليهالسلام ، نعم لو أماته الله تعالى فوقع لذلك الفساد وارتفع لأجله الصلاح في البلاد ، كان سببه فعل الله دون العباد ولا يجوز نسبة سبب الفساد إلى الله تعالى أو ما يوجب رفعه رفع الصلاح. من خلال ما ذكرنا يتضح الفرق بين موت الإمام عليهالسلام وغيبته واستتاره وثبوته.
الشبهة الثامنة :
إن غيبة الإمام المنتظر عليهالسلام تستلزم سقوط الحدود عن الجناة وهو عين القول بنسخ الشريعة ، ولو قلنا بعدم نسخها فمن يقيمها حال غيبته؟
والجواب :
الحدود المستحقة ثابتة في حقّ الجناة والعصاة ، فإن ظهر الإمام ، وكان المستحق لهذه الحدود باقيا ، أقامها عليه الإمام المهديّ عليهالسلام حال ظهوره ، فإن فات ذلك بموته كان الإثم في تفويت إقامتها على من أخاف الإمام وألجأه إلى