وا عجباه!
لا أصدّق ما أقرأ ، أن عليّا أمير المؤمنين عليهالسلام يصل به الحال والاضطرار ـ كما يدّعي الحشوية ـ إلى أن يرخص عنده الشرف والغيرة ، فيعرض ابنته ـ التي طالما حرص على أن لا يراها رجل ـ على عمر ، فيكشف ساقها ليرى هل هو أبيض أم أسمر ضعيف أو سمين؟ ولا أصدّق أن أم كلثوم التي لم يبرد غليلها مما فعله ابن الخطّاب بأمها الصدّيقة الطاهرة ـ حينما دخل دارها وهتك سترها ولطم خدها حتى تناثر قرطها وهشّم أضلاعها ـ أن تقبل به زوجا ، وتشاطره البسمات! وهل أن أمّ كلثوم نسيت كل هذا؟!
والله إن شيئا من هذا لم يحصل ، حاشا أمير المؤمنين عليّ الذي ما عرف إلّا الحق والشهامة والغيرة والحمية على العرض والدين ، وحاشا أم كلثوم ابنة الطهر وسيّدة العفاف كأمها الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام.
والأنكى من ذلك أنها لم تستأمر لزواجها من عمر ، ثم بعد ذلك يستأمرها أبوها لزواجها من عون بن جعفر فلا تقبل به حتى يقهرها أبوها على القبول حيث قال لها : «أي بنية ، أن الله عزوجل قد جعل أمرك بيدك ، فأنا أحب أن تجعليه بيدي ، فقالت : أي أبة ، إني لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء ، وأحب أن أصيب مما تصيب النساء من الدنيا ، وأنا أريد أن أنظر في أمر نفسي ، فقال : لا والله يا بنيّة ما هذا من رأيك ، ما هو إلا رأي هذين ـ أي الحسن والحسين ـ ثم قام فقال : والله لا أكلم رجلا منهما أو تفعلين ، فأخذا بثيابه ، فقالا : اجلس يا أبه ، فو الله على هجرتك من صبر ، اجعلي أمرك بيده ، فقالت : قد فعلت ، قال : فإني قد زوجتك من عون بن جعفر وأنه لغلام» (١).
وفي أخبار أخرى يوجد خلط واضطراب ، فخبر (٢) يقول أنها تزوجت بعد
__________________
(١) أسد الغابة ج ٧ / ٢٧٨ والإصابة ج ٤ / ٤٩٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٤٢ / ٩١ نقلا عن المناقب.