تنبيه :
قد يقال إن المراد من كونها صغيرة هو عدم نضجها بحيث لا يؤهلها للزواج وإن كانت بالغة آنذاك لكونها ولدت بعد العام الخامس الهجري وقبل الثامن ، فهي بالقياس إلى عمره آنذاك الذي كان بحدود ابن ثلاث وستين عاما وأشهرا ـ حسب رواية المشهور عند العامة ـ لا تصلح حينئذ للزواج منه ، ولكنّ هذا التعليل الوارد في الرواية من أنها صغيرة غير ناجع ، ولا أظن أن أمير المؤمنين عليّا قصده لعلمه الرباني بأنّ ابن الخطاب سيردّه ، بل لا أعتقد أن الإمام عليهالسلام يخفى عليه التعليل بكونها كارهة له وغير راضية بأن يكون لها زوجا بعد أن رأت ما ذا فعل بأبيها وأمهاعليهمالسلام.
وزبدة المقال :
أن قصة التزويج هذه من المفتعلات ولا أساس لها من الصحة لقيام القرائن على كذبها ، ووجود خبرين أو ثلاث في مصادرنا وإن كانت أسانيدها صحيحة إلّا أن ذلك لا يصحّح نسبة دلالتها إلى أئمة أهل البيت عليهمالسلام لكثرة الدّس في أخبارهم ، لذا ورد عنهم وجوب عرض (١) الأخبار المنسوبة إليهم على كتاب الله وأخبار العامة «فما وافق أخبارهم وكان أميل إلى حكّامهم وقضاتهم فيترك لأن الرشد في خلافهم» فكيف يمكن حينئذ الاعتماد على هكذا أخبار لها خلفيات أموية ، ألم يركّب بنو أميّة الأسانيد على المتون؟! ألم يقلبوا كلّ فضيلة كانت لأمير المؤمنين عليّ إلى ضدها إلّا ما حفظته الصدور الأمينة؟ ألم يغلوا في أبي بكر حتى جعلوه الصدّيق وجعلوا عمر الفاروق وعثمان ذي النورين ، بل «جعلوا أبا بكر وعمر سيدي كهول أهل الجنّة ووزيري رسول الله في الأرض كما أن جبرائيل وميكائيل وزيراه في السماء ، ولو كان بعده نبي لكان عمر بن الخطاب وأن الشيطان ليخاف من عمر» (٢) إلى ما هنالك من فضائل ومكرمات لم تكن لأحد من الأولين
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ / ٧٥ ح ١ باب وجوه الجمع بين الأحاديث.
(٢) أسد الغابة ج ٤ / ١٥٠ ـ ١٥٢.