إجماع ، لأن الإجماع اجتماع آراء ، ولا مجال للرأي في معرفة ملاكات الأحكام ، أو نهاية وقت الحسن والقبح. فالإجماع عندنا معشر الإمامية ليس بحجة ما لم يكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام ، ومعنى هذا أن مجرد الاحتمال بخطإ الإجماع يسقطه عن الاعتبار.
الثاني : أن ينسخ مفاد آية بآية أخرى ، بحيث تكون الثانية ناظرة إلى مفاد الأولى ورافعة لحكمها بالتنصيص ، ولو لا ذلك لم يكن موقع لنزول الثانية ، وهذا كآية النجوى (١) أوجبت التصدق بين يدي مناجاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونسختها آية الإشفاق (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) (٢).
وهذا النحو من النسخ أيضا لا إشكال فيه.
الثالث : أن تنسخ آية بأخرى من غير أن تكون إحداهما ناظرة إلى الأخرى سوى وجود التنافي بين الآيتين ، بحيث لم يمكن الجمع بينهما تشريعا ، فكانت الثانية المتأخرة نزولا ناسخة للأولى.
ويجب أن يكون التنافي بين الآيتين كليا ـ على وجه التباين الكلي ـ لا جزئيا وفي بعض الوجوه ، لأن الأخير أشبه بالتخصيص منه إلى النسخ المصطلح.
والتنافي ـ على الوجه الكلي ـ لا يمكن القطع به بين آيتين قرآنيتين سوى عن نص معصوم ، لأن للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها ، وليس من السهل الوقوف على كنه آية مهما كانت محكمة.
وقد أنكر المحقّق السيّد الخوئي «رحمهالله تعالى» هذا النحو من النسخ فقال : «والتحقيق أن هذا القسم من النسخ غير واقع في القرآن ، كيف وقد قال الله عزوجل (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ولكنّ كثيرا من المفسرين وغيرهم لم يتأملوا حتى التأمل في معاني الآيات الكريمة ،
__________________
(١) سورة المجادلة : ١٢.
(٢) سورة المجادلة : ١٣.