فالشق الأول : يتناول الاعتداء على جسدها الطاهر وروحها الزكية المطهّرة.
والشق الثاني : ويتناول الاعتداء على متعلقاتها وحقوقها المالية.
وقد تقدّم الكلام في البحوث السابقة ، عن الشق الثاني.
أما الشق الأول :
فهو عرض موجز لدراما مفجعة ، صبّت أحداثها الممضة على شخصية عظيمة مباركة ، أحبّها الله ورسوله ، مستلّا أخبارها مما تناقله الرواة الثقات والمحدّثون في بطون مصادر الخاصة والعامة ، ومنتزعا أحداثها مما رواه لنا التاريخ بصدق وأمانة ، لنضعها بين يدي الباحث عن الحقّ ، ليطّلع عليها بصدر واسع رحيب ، ويطالعها بعلمية وموضوعية ، ثم ينتهج الصراط المستقيم.
هذه المأساة الكبرى مع ما لها من دلالات واضحة ، تكشف عن وعورة صدور القوم اتجاه إمام الحق وزوجه البتول عليهماالسلام ، صدور امتلأت حقدا وحسدا ، غلّقها الرين ، فعمت عن رؤية الحقّ ، فلم تتورع عن الإتيان بأخزى الأعمال ، وممارسة أنكر الأفعال ، بل وهتك أقدس المقدّسات ، وهو ما حدّثنا التاريخ عن شرذمة ضالة ، تمادى بها الغي ، وطال بها الضلال للتجاوز على امرأة هي سيّدة نساء العالمين ـ بل «ما ساوى الله قط امرأة برجل إلّا ما كان من تسوية الله فاطمة بعلي عليهماالسلام وإلحاقها به وهي امرأة ، بأفضل رجال العالمين ـ» (١) فكسر الفظّ صاحب الدرة (٢) عمر بن الخطّاب ضلعها وأسقط جنينها ، مع ما له من سوابق هو وزميله ابن أبي قحافة ، حيث استغلا صحبتهما لرسول الله فتبوءا قيادة الأمة رغما
__________________
(١) الكوثر في أحوال فاطمة عليهاالسلام ج ١ / ٢٥٩ ح ٢٧١.
(٢) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ١٢ / ٢٤٢ : «إن عمر أحرق بيت رويشد الثقفي ، وكان نبّاذا ، وأول من حمل الدرّة وأدّب بها ، وقيل بعده : كانت درة عمر أهيب من سيف الحجاج» وقال في موضع آخر : «وعمر هو الذي أغلظ على جبلة بن الأيهم حتى اضطره إلى مفارقة دار الهجرة ، بل مفارقة دار الإسلام كلها ، وعاد مرتدا داخلا في دين النصرانية» شرح النهج ج ١ / ١٤٢ ، وقال أيضا : «وكان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة. شرح النهج ج ١ / ١٤٢.