ب ـ أفاد حديث الضحضاح أن الشفاعة قد تنفع أبا طالب يوم المعاد ، مع أن المشرك لا تناله الشفاعة ، ولو سلّمنا أنه مات مشركا ، فكيف يرجو النبيّ أن يتشفع لعمّه يوم القيامة والشفاعة رحمة وقد نهاه عزوجل أن يترحم على مشرك؟.
قد يقال :
إن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طلب من أبي طالب عليهالسلام النطق بالشهادتين حتى تناله الشفاعة يوم الآخر ، كما هو مفاد بعض الأخبار (١) : «من أن النبيّ طلب منه النطق بهما ليستحل له بها الشفاعة» فلم يعطه إياها.
قلنا : إن الشفاعة لا تحل لمشرك ، فلما ذا حلّت لهذا المشرك بالذات ، ولو فرضنا أن أبا طالب مات على غير الإسلام ، فلا مجال لقول النبيّ «لعلّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة» وذلك لأن الشرك ينفي حكم الشفاعة ، فهو من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، فإذا ارتفع الموضوع ارتفع الحكم ، وهنا هكذا ، فحيث إنّ الشفاعة حكم يدور مدار وجود المسلم ، فالحكم معلّق بموضوعه وهو هنا المسلم ، فلا شفاعة حينئذ لكافر.
ولو مات كافرا ـ حسبما يدّعون ـ كيف تناله الشفاعة يوم القيامة ، فلمّا دل الخبر على الشفاعة له ، استلزم ذلك أنه مات مؤمنا.
ج ـ إن عدم نطق أبي طالب بالشهادتين ، ليس دليلا على كفره ، لأن التشهد طريق لإظهار الإيمان والإسلام ، وقد يكون أبو طالب مأمورا بذلك لحكم منها دفاعه عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، لذا قال : «ما تجرأ عليّ المشركون إلّا بعد موت أبي طالب». هذا مضافا إلى أن التشهد يكون مسبوقا دائما بحالة عدم الإيمان لا سيّما في بداية البعثة ، أما بعدها أو في وسطها ، فالتشهد حينئذ يعتبر تأكيدا لحالة الإسلام واعترافا بفضله أمام الناس.
__________________
(١) الغدير ج ٨ / ٢٤.