بل إن هجوم السنّة كان متواصلا على بيوت الشيعة ومساجدهم وكانوا يلقبونهم بالروافض ، بل إن قتل رافضي أفضل من قتل كافر (١).
قال أبو الفداء الحافظ عن ابن كثير الحنبلي في تاريخه :
«في عاشر المحرّم منها عملت الشيعة مأتمهم ـ أي مراسم عاشوراء ـ وبدعتهم على ما تقدم قبل ، وغلقت الأسواق وعلّقت المسوح ، وخرجت النساء سافرات ، ناشرات شعورهن ، ينحن ويلطمن وجوههنّ في الأسواق والأزقة على الحسين.
وهذا تكلّف لا حاجة إليه في الإسلام ، ولو كان هذا أمرا محمودا ، لفعله خير القرون ، وصدر هذه الأمة ، وخيرتها وهم أولى به ، ولو كان خيرا ما سبقونا إليه ، وأهل السنّة يقتدون ولا يبتدعون.
ثم تسلّطت أهل السنّة على الروافض ، فكبسوا مسجدهم ، مسجد براثا الذي هو عش الروافض ، وقتلوا بعض من كان فيه من القومة» (٢).
ويذكر ابن الأثير :
إن الحنابلة لما أكثروا القتل في شيعة الكرخ ، تشدد زعيم الشيعة على أتباعه فمحوا : «خير البشر» ذيل قول الشيعة : محمّد وعليّ خير البشر ، فلم يقبل السنّة بذلك فقالوا : لا نرضى إلّا أن يقلع الآجرّ الذي عليه محمّد وعليّ وأن لا يؤذّن : حيّ على خير العمل. وامتنع الشيعة من ذلك ، ودام القتال إلى ثالث ربيع الأول .. ثم لمّا قتل رجل سني ، هاج السنّة واستنفروا للأخذ بثأره ، فقصدوا مشهد الإمام موسى الكاظم وحفيده الإمام الجواد عليهماالسلام وأحرقوا جميع الترب والآزاج ، واحترق الضريح والقبّتان الساج اللتان عليهما ، واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بويه وعدة قبور ، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٨ / ٥٧١ حوادث عام ٣٥٥.
(٢) البداية والنهاية ج ١١ / ٢١٥ حوادث عام ٣٥٤ ه.