يغلوا فيهم ، فالمعنى : غصبناه ظاهرا وبزعم الناس أن صحّت تلك القصة (١).
استنكار وردّ :
استنكر السيّد علي الميلاني في كرّاسة له على مفاد هذا الخبر بحجة أن الناس لا يصدّقون بها فقال : «يشتمل ـ أي الحديث المذكور ـ على ما لا نصدّق به ، أو لا يصدّق به كثير من الناس ، وذلك أن المرأة التي تزوّج بها عمر كانت من الجنّ ، ولمّا خطب عمر أمّ كلثوم ، أرسل الله سبحانه جنيّة وسلّمت إلى عمر ، وهذه الأشياء لا يصدّق بها كثير من الناس على الأقل» (٢).
يرد عليه :
أولا : لم يأتنا صاحب الاستنكار بحجة على نفيه حتى نسلّم به مذعنين ، وعدم تصديقه له ، وكذا عدم تصديق الكثير من الناس بمفاده ، واستبعادهم له ، لا يصلح دليلا على النفي ، ومتى كان الاستبعاد الاعتباري الناتج عن ضعف الإيمان دليلا عند المتشرعة حتّى يتمسّك به صاحب الدعوى؟! ولو كان الاستبعاد دليلا على المدّعى لاستلزم ذلك طرح الكثير من الكرامات والمعاجز التي جرت على أياديهم الطاهرة ، ومتى كان استبعاد الأكثرية ميزانا ومناطا لقبول الأخبار والتسليم بالكرامات؟ وهل يستبعد المستنكر المذكور ولايتهم التكوينية التي دلت عليها الآيات والأخبار؟ وإذا كان الجنّ مسخّرا لسليمان عليهالسلام فلم لا يسخّر لمولى الثقلين عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد الخلق أجمعين؟!
ثانيا : وهل خرج العلّامة الشيخ محمّد باقر المجلسي والصفّار والراوندي ومن حذا حذوهم عن طور العقل لمّا رووا هذا الخبر وأذعنوا بفحواه؟ بل إن المجلسي أعلى الله مقامه جعل خبر الجنيّة معارضا للخبرين المتقدمين ، ولو لا صحة اعتقاده به لما جعله معارضا لهما.
__________________
(١) مرآة العقول ج ٢٠ / ٤٢ وفي البحار ج ٤٢ / ١٠٧ جاء فيه : «ولم يكن يتمّ به الاحتجاج على المخالفين».
(٢) تزويج أم كلثوم من عمر ص ٢٧ ط / مركز الأبحاث العقائدية ـ قم.