وقال أبو الفداء :
(كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه ، وكانت تخرج قميص رسول الله وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه).
قال العلّامة الأميني (قدسسره):
(هذه الروايات تعطينا درسا ضافيا بنظرية عائشة في عثمان وأنّها لم تكن ترى له جدارة تسنّم ذلك العرش ، وبالغت في ذلك حتى ودّت إزالته عن مستوى الوجود. فأحبّت له أن يلقى في البحر وبرجله رحى تجرّه إلى أعماقه ، أو أنّه يجعل في غرارة من غرائرها وتشدّ عليه الحبال فيقذف في عباب اليمّ فيرسب فيه من غير خروج ، أو أن يؤدي به حراب المتجمهرين عليه فتكسح عن الملأ معرّة أحدوثاته ، ولذلك كانت تثير الناس عليه بإخراج شعر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وثوبه ونعله ، ولم تبرح تؤلّب الملأ الدينيّ عليه وتحثّهم على مقته وتخذّلهم عن نصرته في حضرها وسفرها ، وإنّها لم تعدل عن تلكم النظريّة حتّى بعد ما أجهز على عثمان إلا لمّا علمت من انفلات الأمر عن طلحة الذي كانت عائشة تتهالك دون تأميره وتضمر تقديمه منذ كانت ترهج النقع على عثمان ، وتهيّج الأمة على قتله ، فكانت تروم أن تعيد الإمرة تيميّة مرّة أخرى ، ولعلّها حجّت لبثّ هاتيك الدعاية في طريقها وعند مجتمع الحجيج بمكّة ، فكان يسمع منها قولها في طلحة : «إيه ذا الإصبع! إيه أبا شبل! إيه يا ابن عمّ! لكأنّي أنظر إلى إصبعه وهو يبايع له» ، وقولها : «إيه ذا الإصبع! لله أبوك ، أما أنّهم وجدوا طلحة لها كفوا».
وقولها في عثمان : «اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر» ، وقولها لابن عبّاس : «إيّاك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية» ، وقولها بمكّة : «بعدا لنعثل وسحقا» ، وقولها لمّا بلغها قتله : «أبعده الله ، ذلك بما قدّمت يداه وما الله بظلّام للعبيد».
لكنّها لمّا علمت أنّ خلافة الله الكبرى عادت علويّة واستقرّت في مقرّها الجدير بها ـ ولم يكن لها مع أمير المؤمنين عليهالسلام هوى ـ قلبت عليها ظهر المجنّ ، فطفقت تقول : لوددت أنّ السماء انطبقت على الأرض إن تمّ هذا! وأظهرت