فانهالت السياط على حبيبة رسول الله وبضعته حتى أدموا جسمها (١)! وبقيت آثار هذه العصرة القاسية والصدمة المريرة تنخر في جسم فاطمة ، فأصبحت مريضة عليلة حزينة حتى فارقت الحياة بعد أبيها بأيام ـ ففاطمة شهيدة بيت النبوة ـ فاطمة قتلت بسبب عمر بن الخطّاب!
____________________________________
(١) عاشت سيّدة النساء المعظّمة مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام مأساة بعد مأساة مذ وفاة أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما جرى عليها يكاد يخلع الأفئدة من مواقعها ، ويدهش العقول المتزنة ، فمن أصبغوا على أنفسهم ألقاب «الصدّيق والفاروق وسيف .. المسلول وذي النورين» حيث هجموا على دار من قام النبيّ إجلالا لها وقبّل يدها ، وقد يسأل المنصف : لما ذا هذا الهجوم؟ وهل دخل دارها ـ الذي هو دار الله ، وبابها باب الله فمن هتكه فقد هتك حجاب الله (١) ـ مشرك أو كافر حربي ، فحاولوا إخراجه ، أم أنّ الدخول كان لشيء آخر؟
كلا وحاشاها لم يكن في دارها من ذكرنا حتى يكون مبرّرا لاقتحامه ، ولم يكن فيه مال ـ حسبما ادّعى ذلك ابن تيمية ـ (٢) بل فيها عترة رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين طهّرهم الله تعالى في محكم القرآن المجيد (٣) ، وأمر بإطاعتهم ، وأنهم مع
__________________
(١) ورد عن رسول الله أنه قال : «ألا إن فاطمة بابها بابي ، وبيتها بيتي ، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله ، قال الراوي عيسى بن المستفاد : بكى الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام طويلا وقال : هتك والله حجاب الله هتك والله حجاب الله ، هتك والله حجاب الله يا أمه صلوات الله عليها. بحار الأنوار ج ٢٢ / ٤٧٧.
(٢) ذكر هذا الناصبي : «أن أبا بكر كبس بيت الإمام عليّ لينظر هل فيه شيء من مال الله ليعطيه لمستحقه». لاحظ : منهاج السنّة ج ٨ / ٢٩١ الطبعة الحديثة. أقول : متى كان أبو بكر حريصا على فقراء المسلمين حتى تنسب إليه هذه المثلبة ـ لا المنقبة ـ وهل هو أحرص من أمير المؤمنين عليّ يوم تصدّق بخاتمه في الصلاة ليعطيه لمستحقه؟! كلا وألف كلا. وهل الصدقة على المسلمين تجيز ترويع وإهانة وقتل ابنة أحب الخلق إلى الله تعالى؟!
(٣) بقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وقد تقدم البحث فيها فليراجع.