نطق القرآن بذلك فقال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (١) وقال تعالى حكاية عن يوسف (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) (٢) ونطق بذلك النبيّ في حديث الإسراء أنه قال : (قلت من هذا؟ قال : أبوك إبراهيم) فعلم أن لفظة الأب تطلق على الجد وإن علا فهذا أحد الأمرين :
الثاني : أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم كل منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنه قال عن عليّ أن رسول الله سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه ، فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول الشاعر :
أجلّ قدرك أن تسمى مؤنبة |
|
ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب |
ويروى : (ومن يصفك) فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة ، وهذا شائع ذائع في لسان العرب ، فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين ، فاعلم أيدك الله بتوفيقه أن النبيّ كان له سبطان أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين ، ولما كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبد الله الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن ، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله ، فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال يواطئ اسمه اسمي فهو محمّد وأنا محمّد ، وكنية جده اسم أبي إذ هو عبد الله وأبي عبد الله ، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز ، وحينئذ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد عليهالسلام ، فهذا بيان شاف وكاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه) انتهى.
__________________
(١) سورة الحج : ٧٨.
(٢) سورة يوسف : ٣٨.